Saturday 22 May 2010

الشباب الموريتاني: حلم في وطن الضياع....؟

اعل الشيخ اباه أحمد الطلبة

كل الشعوب والأمم تتفاخر و تراهن على مستقبلها من خلال تنمية الشباب و ضمان مستقبل البلاد عن طريق تفعيل وتسخير كل المنشآت و الخطط التنموية والاستثمارات البشرية في فئة الشباب التي هي الحلقة الأساسية في كل تنمية وحجر الزاوية في بناء الشعوب، لكن هذه القاعدة معكوسة و تنقلب الآية في موريتانيا حيث تسعى الحكومات والشعب معا إلي تهميش الشباب و اعتباره مجرد مرحلة من العمر يجب أن لا يعرف أصحابها سوى أنهم يعيشون في ظل الانتظار والاستسلام حتى يطأ قطار العمر على صدورهم و يتجاوزهم الزمن ليصير لهم الحق في تحقيق الأحلام الضائعة في بلد الضياع.....

إن الشباب في موريتانيا لا يسمح له حتى أن يعيش في الفضاء الثالث أو الفضاء البيني الاجتماعي والسياسي في انتظار الأمل، فقد تم طرد الشباب بمجرد أن الوطن لا يؤمن بالطاقة الشبابية ولا يراهن على مستقبل هذه الأمة المترهلة التي يحكمها الشيوخ وجيل الاستقلال منذ ما يزيد على نصف قرن.....

إن الشباب في بلادنا مرادف للبطالة والتملق و الاستسلام و التعبد في محراب القبيلة والتودد إلي شيخ العشيرة لعله يشفع عند ربه أو يحظى زلفى من العطف أو استغلال الشباب المقهور والضائع كلسان فصيح مبين يرقي به الشيخ المغفل لتحقيق مآرب لا ترقى إلي مستوى التغيير....

من المفترض أن تسعى الحكومات إلي العمل على ضخ دم جديد في قلب الحكومة الذي يحتضر بدل تكريم و إعادة تعيين نفس الوجود التي تدرجت منذ عشرات السنين في جميع مناصب الدولة من رئيس الوزراء إلي سفير أو وسيط جمهورية أو رئيس مجلس: كيف يعقل أن يعن مديرا للمدرسة الوطنية للإدارة والقضاء والصحافة وهو الذي كان وزيرا للداخلة على مدى عشر سنين؟ أليس من المهزلة أن نشهد تعيين سفيرا في المغرب بعد أن كان رئيس وزراء للدولة على الرغم من سجله الحافل بالإنجازات "الوطنية"؟ ألا يعتبر من السخرية والاستهزاء تعيين أحدهم على المجلس الدستوري، أرفع هيئة دستورية في البلد، وهو الذي كان رئيسا للحكومة على فترات؟
هذا النوع من المحاباة والاحتكار يتم في الوقت الذي يعاني فيه مئات الشباب الحاملين للشهادات العليا و الحالمين بوظيفة بدل البطالة والتعفن في دهاليز وشوارع الوطن المغبرة و الموت ألف مرة بسبب نظرات الاستهزاء واللامبالاة التي يرمقهم بها المجتمع السخيف.....

أليس من الحري أن تعمل الحكومة على صون كرامة أبنائها بدل السماح للحرس القديم بالتفنن في أنواع البذخ و الرفاهية على حساب مستقبل الوطن و آلاف الشباب الحالمين يوما بالتغيير.......؟

إن الازدواجية التي يعيشها الشباب في موريتانيا هي معضلة لا تقل أهمية عن سؤال بناء الوطن والهوية، هي معضلة نابعة من عدم إصرار الشباب على التمسك بالمستقبل كخيار أساسي وفهم طبيعة الصراع الذي تدور رحاه بين الرعيل القديم المتشبث بالحاضر وكأنه هو مستقبلهم، أما لشباب الموريتاني الآن لا يمتلك رؤية شاملة و لا معرفة عميقة بالواقع المعيش و لا النتيجة التي يمكن أن يفضي لها....

الشباب عندنا لا يحلم إلا بالكثير في وقت واحد، لأننا لم نستطع بعد أن نفهم أن التخطيط للمستقبل ونزع المكانة والسلطة من هؤلاء الأصنام القديمة قد يستغرق الكثير من الوقت لأنهم يستخدمون النفوذ والمال والسلطة، أما نحن فلا نشعر حتى بضرورة الدخول في الصراع ربما لأن الأبواب موصدة أمامنا و النوافذ تم نزعها، وربما أيضا لأن البعض منا يرضى بالقليل و يخاف بطش شيخ القبيلة و يخشى التهميش و يسكنه رعب من الاختلاف....

إن الشباب في أرض الضياع يحتاج إلي أن يكون واعيا بإكراهات المرحلة و يسعى إلي بذل الغالي والنفيس في سبيل إسماع صوته و رؤية الأشياء من منظوره ورفض النظارات المظلمة و الشائخة التي قد يفرض عليه لبسها لتصور الأشياء كما يراد له لا كما يجب أن تكون. من الضروري أيضا تفعيل النشاط الثقافي و التواصل و التفاعل مع الجمعيات و خلق فضاء حر للكتابة و التصور و مناقشة وتسمية الأشياء بأسمائها دون الخوف أو التملق الذي يكفي منه ما فات دون أن يولد غير الخنوع والتهميش و الانهيار تحت إقدام وأحذية من النوع الرخيص....

No comments:

Post a Comment