اعل الشيخ احمد الطلبة
في الوقت الذي يحاول فيه البعض تجاهل الواقع و أكل المال العام من خلال تمويل مشروع أو مبادرة "نواكشوط عاصمة للثقافة 2011 "، تجرف سيول الصرف الصحي و الروائح الكريهة قلب العاصمة، أكثر منطقة حركية و نشاطا في نواكشوط، عاصمة القمامات والروائح الكريهة. أليس حريا بهؤلاء الناس الذين يحاولون إقناع العالم بالزيف و تغليف الواقع بقناع الرشوة والغلول أن يهبطوا لأدنى مستويات المواطنة والعمل على نظافة وتحسين الوجه الكريه والمشوه لنواكشوط التي لا يمكنها بأي حال وهي بهذه الحالة المزرية أن تكون حتى عاصمة لموريتانيا؟ أم أننا لا نشعر بالهموم الداخلية للبلد إلا في حدود خداع الآخر وتضليله وتزييف
الحقائق....؟
إن مشروع نواكشوط عاصمة للتراث أو الثقافة هو واحد من المشاريع الكثيرة التي لا تعدوا كونها حبر على ورق أولا ثم مبالغ طائلة من العملة الصعبة في جيوب ثلة من المرتشيين الذين لا يشبعون ولا يقنعون، هي مبادرة خصصت لها الحكومة مبالغ طائلة و كوادر بشرية يقال إنهم من نخبة هذا البلد الذي أثبت فيه التاريخ أن العدو اللدود لمصلحته هو أبناؤه الذين يبيعونه في المزاد ألف مرة ومرة و يسوقونه مثل أي بضاعة رخيصة في سوق نخاسة سوداء دون ادني كرامة أو مسؤولية... ثم يعاد تعيين هؤلاء الثلة وتمكينهم كلما رحل أو ارتحل، حضر أو غاب، جاء أو ذهب رئيس أو وزير....
من المعلوم أن نواكشوط مرشحة لهذه المبادرة بمعية مدينة تافيلالت المغربية، و بحكم معرفتي للمدينتين، يمكن أن أجزم أن المقارنة غير واردة أبدا بين المدينة الواقعة في الجنوب الشرقي من المملكة المغربية و نواكشوط عاصمة دولة بأكملها....
في الولاية المغربية هناك بنية تحتية متكاملة و صرف صحي و مياه وكهرباء و طرق سريعة وأخرى وطنية جميلة ومدينة عالمية للسينما وحمامات رملية طبيعية يحج إليها العرب والغربيون من كل أنحاء العالم، بالإضافة إلي واحات النخيل الوارفة، وأكثر من كل ذلك هناك أمل يعلوا ابتسامة على وجه كل مواطن ربما يكون نابعا من ثقته في المستقبل أو رضاه عن ما تحقق في الماضي.....
بينما عندنا في نواكشوط الشوارع غير معبدة و نادرا ما تكتشف فجأة أنه كان هناك طريق أسود في يوم من الأيام قبل أن يندثر و يندرس تحت الرمال العاصفة التي تملؤ أعين الناس قبل الطريق....
كل شهر في عاصمتنا نشهد فيضانات تنبع من تحت الشوارع في قلب العاصمة منذرة بأن الصرف الصحي دفن تحت الأرض منذ أيام الاستقلال الأولى حيث كان سكان مدينة نواكشوط 250 نسمة أو أقل. هذا بالإضافة إلي أنه في عاصمتنا لا توجد أي حديقة عمومية ولا منتزه و لا أي مكان للترفيه يسمح للعائلات بالخروج من زنزانة المنزل والتخلص من ربقة الروتين الخانق، زيادة على كل هذا عندنا حمرة تعلوا الوجوه المشوية من لهيب الشمس الحارقة التي رسمت مع غبار المدينة ملامح الكآبة و الضياع العميقين على جبين كل مواطن موريتاني رغم محاولة البعض منا رسم ابتسامة تنم عن تجاهل الواقع أو عدم الانتماء للطبقات العامية.....
أعتقد انه من الأفضل أن نخصص هذه الأموال التي منحت للمشروع لتغطية أسفار البعض من المشرفين عليه وأجورهم العالية و الميزانية الضخمة أن تستثمر في إنشاء فضاءات خضراء عامة و القيام بقوافل تحسيسية للمواطن حول الحفاظ على البيئة و توعية الأطفال حول النظافة و دعوة جميع البلديات إلي التنافس في توفير البني التحتية المنشودة في كل بلدية بدل تجاهل المواطن العادي ومماطلته لأكثر من أسبوع فقط من أجل الحصول على مستخرج من شهادة الميلاد....
لابد أن نكون صريحين مع الذات والوطن ونخاف بطش التاريخ ونحاول مصالحة الجغرافيا، فالأجيال القادمة لن ترحم من لا يقوم بواجبة وستفضح كل من تقاعس عن القيام بمسؤوليته اتجاه هذا الوطن الغريق الذي يستغيث لتخليصه من براثن ثلة من العجزة والشيوخ الذين يستنزفون خيراته ويبيعونه لكل السماسرة و المتسولين.....
لابد أن نقول حقيقة واحدة مفادها أن نواكشوط كشبه عاصمة لا تنافس حتى دارفور لا من حيث الثقافة ولا من حيث الصمود و تضحية أبنائها فما بالك بالتشارك مع مدينة متطورة في ظل مملكة عريقة تنعم بالاستقرار والرفاه منذ أكثر من 12 قرنا في ظل ملوك ضحوا بالغالي والنفيس من أجل شعب من أكثر الشعوب تقدما وولاء وازدهارا و تطورا في منطقي المغرب العربي جميعا....
أرجوا أن نتعلم معنى الوطنية والمواطنة بدل التظاهر وتضليل المواطنين الأبرياء والسذج. أتمنى أن نضحي من أجل بناء وطننا و انتشاله من مستنقع الضياع و التدهور لعله ينافس على أحسن و أجمل عاصمة في العالم في عام 200111 بدل 2011....
Facebook; Elycheikh Bah Ahmedtolba
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment