Saturday 22 May 2010

منتدى التلفزة الوطنية.... مزبلة التاريخ تتحدث اللغة العربية ؟؟

اعل الشيخ أباه أحمد الطلبة

البارحة حاولت التلفزة في برنامج المندى المعتوه من جميع النواحي معالجة المشكل الذي يكاد يعصف بوحدة البلد على خلفية المناوشات التي حدثت في الحرم الجامعي بين أنصار اللغة العربية و الرافضين لها، بحثت التلفزة عن الأوجه السياسية لنقاش الموضوع وبعد عناء اختارت أربعة من أنصار اللغة العربية ومن المحسوبين على السياسية أو رؤساء أحزاب سياسية في بلد يخلط الساسة فيه بين الحزب والمؤسسة الشخصية....
كان الضيوف أشبه بمخلوقات فضائية غريبة على واقع هذا البلد الذي يئن تحت وطأة التهكم والاستهتار و الضياع السياسي، حاول البعض من الضيوف استخدام البلاغة المتعفنة والآخر حاول أن يثبت أنه لا يحمل من الدكتوراه إلا ذاك الدال الذي قد يدل على الدناءة و التودد و الدونية في الفكر والطرح....
ألم يكن بإمكان التلفزة الوحيدة في الوطن والتي أضحت مزبلة للتاريخ أن تستضيف مجموعة من الطلاب الجامعيين من مختلف الخلفيات لنقاش الموضوع الذي يتعلق بمستقبل بلدهم بدل أن يحاول أصنام الماضي سلب المستقبل منه؟ أليس من الأحرى بالشباب أن يتحدث عن موضوع وحيثيات الجامعة أكثر من السياسيين المتحجرين و المحنطين الذين يكتفون من الحياة بوظيفة أو مقعد في البرلمان أو بيع هذا الوطن في المزاد لكل معتوه يدفع دراهم معدودات؟ إلا متى ستظل الأصنام القديمة تحتكر كل شيء وتتحدث بالنيابة عنا في كل شيء؟
إن الحديث عن اللغة العربية في موريتانيا لا يمت بأي صلة لمشكل العربية أو الفرنسية كلغات، بل هو تداعيات منطقية لكلمة الوزير أول الذي أنسته برودة الخارج و رفاهية التكييف في مكتبه حرارة الجو في موريتانيا وغليان الساحة السياسية وهشاشة الكيان السياسي ليعلن أن تفعيل العربية من الضرورة من أجل التكسب من آلهة الكتاب الأخضر لتقيم صلاة أخرى وتؤم العلماء المرتشيين والمتسولين لبيع الخطاب الديني لكل من يريد فتوى عن الختان أو تباعد الولادات أو حتى الحديث عن التسامح و التفاهم أمام من لعله يعطي صدقة....
قضية التعريب في موريتانيا حق أريد به باطل، يراد لنا أن نعتقد أن الدستور حسم الأمر و أعلن العربية اللغة الرسمية لبد ليس عربيا أصلا و لا يجب أن يكون أبدا عربيا، لكن أليس من حقنا أن نتساءل: هل الدستور مقدس؟ ألم يوضع الدستور الموريتاني في 1999 نفاقا ومحاكاة للدول المجاورة عندما تعلم العسكر لبس البدلات والتملق بدل النياشين؟ أليس الدستور متحيز وفاسد في كثير من النواحي العملية و السياسية؟ ألم يظل دستورنا حبرا جافا وأوراقا صفراء محنطة كتبت لتحفظ في متحف إنجازات رئيس جاء ذات يوم ورحل كما سيرحل الجميع من بعدة؟
نريد للعربية أن تكون اللغة الرسمية لموريتانيا ونرفض الفرنسية لمجرد أنها لغة مستعمر ونتجاهل واقع أن اللغة العربية والفرنسية ليست ملكا لأحد، فكل اللغات إرث بشري يحكم عليهم من حيث الأهمية في التواصل وتمرير الخطاب والتعامل مع العالم الخارجي. نحن نعلم علم اليقين أن اللغة العربية لا يمكن أن تكون لغة للتواصل وأن الفرنسية أضحت غريبة ومهجورة في موطنها....
يجب أن نعلم أيضا أن تفعيل اللغة العربية سوف يساهم في تقليص الذات وعزلها وتهميشها عن نفسها وأن اللغة الفرنسية يمكن على الأقل أن تساهم في التواصل مع الأخوة في الداخل و المحيط الأفريقي. أما اللغة العربية فلا تصنع إلا الكره والحقد و الكراهية وتضخيم الذات الذي يقود إلي الهلاك والنكوص إلي الوراء و العيش على فتات الماضي البغيض، نحن أمة المستقبل نريد أن نعيش ونتحدث اللغة التي يتحدث العالم لأننا جزء منه تكنولوجيا و رقميا...
لقد سئمنا زمار الحي وأشباه الدكاترة والعبثيين والناصريين والبعثتين الجدد الذين لا يمكنهم رؤية العالم إلا من خلال طموحهم الضيق المحصور في حدود العرب والعروبة و استهلاك السلع البالية والمنتهية الصلاحية واجترار بعض الترهات التي حفظوها يوما عن الوحدة العربية....
ألا يريد هؤلاء لأنفسهم الاحترام وأن يحاولوا رؤية العالم من زاوية العالمية والكونية والسعي إلا مواكبة تسارع وتيرة التقدم والازدهار، فالعالم فضاء فسيح يسع جميع الناس و يوفر للجميع حرية الطموح ومتعة التواصل و الإبداع والحرية. لكن الشيء الذي لا يفهمه المستعربون هو أن الأمة العربية لم تعد مسيطرة على العالم وأن أمجاد العرب و الشعر الجاهلي أصبحوا جزءا من خبر كان وأن العالم اليوم يقوم على المنافسة و الإنتاج ومن يستهلك ويعيش على صدقات الآخرين ليس له الحق في امتلاك لغة خاصة به فما بالك بفرضها على الذين لا يريدونها...
نرجو من التلفزة أن تتوقف عن بث الفتنة والتفرقة بين أفراد المجتمع وسكب الزيت على النار المشتعلة أصلا، فالتلفزة إما أن تحاول أن تكون إعلاما أو أن تظل أحلاما و أنغاما نشازا كما عودتنا دائما في خدمة السلطان والتسبيح بحمده كل صباح ومساء...

No comments:

Post a Comment