Tuesday 13 July 2010

تحرير السمعيات البصرية في بلد يحتاج إلي السمع والبصر...

يشاع هذه الأيام أن السمعيات البصرية تحررت مع كل ما يمكن طرحه من إشارات استفهام حول هذا التحرير وهل ينفع في بلد كوطننا موريتانيا، حيث العقول والشجر والحجر كلها أشياء تحتاج إلي التحرير... أي نوع من التحرير يراد لهذا القطاع الذي لازال يقطع من عقولنا ما شاء لحساب الجنرال وحاشيته من الخدم والمرتشيين من برلمانيين وشيوخ يخرفون بالتعاويذ والتسبيح باسم الخالق صاحب الحزب الجديد...

أتساءل كم من هؤلاء البرلمانيين يفهم الغرض والهدف من وراء السمعيات البصرية و ما هي السمعيات البصرية بالنسبة لهم؟ و ما هي علاقتها بتشكيل الرأي العام وتفعيل العملية السياسية في بلد لا تعدو السياسة فيه رياضة لا يمارسها إلا من له قبيلة وجهة ومال ومن لا وطن له؟ أم أن ما تعلق بالسياسة والدين تم استثناؤه من قانون التحرير واحتكاره على الجنرال ليتهم به من شاء ويسجن به من شاء ويرضى به عن من يشاء؟ أم أن التحرير السياسي للسمعيات البصرية لازال يراد به التفاوض مع الماحين والمتصدقين.... ؟

هل نحن بحاجة إلي محطات تلفزيونية قبلية وجهوية تزيد من انقساماتنا والعرقية وتطحن الهوية؟ أم أن تنظيم هذا القطاع وتحريره يضمن ترسيخ الوطنية و التفاهم الاجتماعي الذي نتوق إليه منذ عقود؟ أم أن هذا التحرير هو فقط تحوير في السياسة وضرب من الكذب والخداع السياسي الذي أصبحنا نقتات عليه في الصباح كالخبز....

لقد عشنا ما فات من الزمن بتلفزة واحدة بناها لنا زعيم عربي انقلبنا عليه وإذاعة يتيمة تركها المستعمر وجاءت محمولة على متن سيارة من وراء النهر ولازالت في نفس المستوى من العطاء بل تراجعت من ناحية المضمون والأهداف. نفس البرامج التي لا تخدم إلا البلاط وتقديس وتمجيد من يصل إلي البلاط على ظهور الناس أو ظهور الدبابات.....

هل يفتح هذا التحرير الباب أما مرتزقة الإعلام للتكالب على إنشاء محطات تلفزيونية أو إذاعات تستغفر البطل الهمام ولا تفتر ليل نهار؟ وتقوم أخرى بالفتوى لكل من أراد أن ينقلب على الحاكم ؟ وأخرى برطانة لم نسمع بها في آبائنا الأولين لنعود إلي نقطة الصفر التي نزلنا تحتها بأميال منذ الاستقلال المزعوم؟
ما جدوى تحرير السمعيات البصرية ونحن لازلنا في أمس الحاجة إلي السمع والبصر؟؟؟

Saturday 10 July 2010

محمد ولد سيدي يحيى و محمد الحسن ولد الددو... إشكالية اللغة ؟؟؟

يعتبر مجتمعنا الموريتاني متدينا بطبعه وسجينه وظل يعتمد على الحفظ بدل الكتابة والتدوين. كانت الخيام المضروبة في كبد الصحراء و ظروف العيش الصعبة تملي على الإنسان الموريتاني أن يأخذ من الدين ما تيسر بالحفظ لأنه لا وجود لكتاتيب ولا التحضر الذي يرتبط بالاستقرار....

يعتبر البعض أن هذه الملكة الخارقة للحفظ نعمة يتميز بها الموريتانيون دون غيرهم، لكنها نعمة تحمل في طياتها نغمة تتمثل في الاعتماد على التذكر والسرد وإهمال التدبر والتفكير. لذلك ظلت الثقافة الدينية عندنا في المحاظر –ولازالت- تعتمد على الحفظ وليس على المنطق والجدل، فالطلبة هناك يحفظون أخليل والموطأ والرسالة والطرة على أنها كتب منزلة ومقدسة تقديس الكتاب والسنة...

يكفي الواحد منهم فخرا وتبجحا أن يحيلك إلي أبيات تشبه الطلاسم في البناء وتتنافر في الموسيقي ثم يردف قائلا هذا شاهد من أخليل. لا يعرف الكثير أن أخليل كان عسكريا في جيش العثمانيين لكنه أصبح ملك الدين والتدين في المنكب البرزخي....

بدأ هذا الفهم التقليدي للدين في الانحسار أمام خطاب ديني جديد يعتمد على لغة جديدة في الدعوة وترسيخ مفهوم الخطاب في الدين مع ظهور السيد الداعية والعلامة محمد ولد سيدي يحيى في تسعينيات القرن الماضي ( مع العلم أنه بدأ الدعوة في الثمانينات) الذي أستطاع بكل عزيمة وإصرار أن يساهم في نقل الدين من نظم ومنمنمات على هوامش الطرر إلي المساجد والبيوت والشوارع والتاكسيات و الباصات....

إن الملفت للانتباه في خطاب العلامة محمد ولد سيدي يحيى هو الفهم العميق للواقع وملكته العجيبة على استنباط الأحكام الشرعية من مداركها الواقعية. أصبح الدين مع ثورة العلامة محمد ولد سيدي يحي علم اجتماع يتناول الأسرة والرجل والمرأة والفهم والسياسة والدين والعبادة والعقيدة والتأويل بأسلوب لا يخلوا من الصراحة والنكتة المؤلمة أحيانا...

المنعرج الثاني في الخطاب الديني وعلاقته باللغة بدأ مع العشرية الأخيرة من القرن الماضي وبالتحديد مع عودة الداعية الشاب العلامة محمد الحسن ولد الددو الذي بدأ بتأصيل ثقافة المنابر و جعل من جامعة نواكشوط لأول مرة منبرا دينيا يستهدف الشباب وركيزة المستقبل. وفي ظرف زمني وجيز انتشرت هذه الصحوة في أوساط الموريتانيين، المجتمع البدوي الذي يحب الجديد ويكره التجديد....

تجدر الإشارة إلي أن الخطاب الديني للعلامة محمد الحسن ولد الددو ظل نخبويا في طرحه واللغة التي يستخدمها. فمثلا اللغة العربية الفصحى التي يخطب بها العلامة الشاب لا يفهمها أغلب الناس البسطاء من الذين لم يدرسوا في الأكاديميات. لذلك ظل الخطاب الديني السلفي مع العلامة الشاب موجها، عن قصد أو غير قصد، إلي فئة معينة من الشباب، وهو خطاب لا يخلوا في مجمله من التأثر بطرح غريب على هذه الأرض البدوية....

هذه النخبوية في الخطاب الديني للصحوة الشبابية بالتقابل مع البساطة التي يتميز بها الخطاب الأول هي ما جعلني أكتب هذه الأسطر بحثا عن نقاش وإثراء للموضوع بعيدا عن التعصب وضيق الفكر. فالعلماء علماؤنا جميعا والخطاب موجه إلينا جميعا بالدرجة الأولى والوطن يتسع لنا جميعا...

طبعا لا يوجد أي تعارض بين الأهداف والغايات التي يسعى إليها كل من الخطابين. لكن اللغة تختلف إلي حد التعارض و التباين في الجمهور والطرح والنقاش. أذكر هنا أني ناقشت هذا الموضوع مع أحد شيوخ المسجد حين سألته عن التباين و الاختلاف بين اللغة في الخطاب الديني عند العلامة محمد ولد سيدي يحيى والشاب محمد الحسن ولد الددو فقال الشيخ: " طبعا لاشك أنهم ينتميان لنفس القبيلة. ولد سيدي يحيى عجيب في فهمه للواقع ويتكلم الحسانية وأنا أفهمه جيدا. أما هؤلاء الشباب فيتكلمون بسرعة شديدة ويستخدمون مكبرات الصوت التي تشوش على كلامهم أحيانا. وأنا أعلم أنهم جيدون ومؤثرون لكننا نحن الشيوخ لا نفهمهم."

طبعا المشكلة ليست في الخطاب الديني بقدر ما هي إشكالية لغوية في مجتمع تزيد فيه نسبة الأمية على 75% ولكي نفهم الدين لابد من اللغة. فهل تؤثر اللغة على الصحوة الدينية وبناء الخطابات الدينية المتعددة التي بدأت تظهر في موريتانيا، أرض البداوة والإسلام وغياب النظام السياسي....؟

Friday 9 July 2010

UPR: …..الجمهورية من أجل الحزب

كثيرة هي أحزابنا السياسية لدرجة تجعلني أعترف بين يديكم أني لا أعرف جميع الأحزاب التي تمارس السياسية أو التسس في بلاد المليون متسيس. تكثر أحزابنا السياسية كلما اقتربت الانتخابات وتقل حسب النشاط السياسي شأنها في ذلك شأن السياسة عندنا موسمية و السياسيين في بلدنا أصنام جاثمة لا تكبر ولا تشيخ ولا تستقيل ولا تترك المجال لأحد يفيد ويستفيد...

أنا على يقين أن الكثير منكم أيضا لا يمكنه أن يعد على أصابع يديه أحزاب سياسية ناشطة على الساحة مع أن أحزابنا زادت في عددها على أحزاب القرآن الكرم، لكنها لا تنفع في الذكر ولا التذكر بل هي مؤسسات فردية أو جهوية هدفها بوتقة الناس و القولبة الأخلاقية والمعنوية لكل من سولت له نفسه مخالفة شيخ القبيلة أو الصنم الكبير....

الأدهى من ذلك والأمر ليس تعدد الأحزاب وتكاثرها الفطري ولا انقساماتها الميوزية والميتوزية، بل ما يخيفني أكثر هو تلك السياسة التي يمكن أن نطلق عليها ظاهرة "حزب الرئيس". فكل رئيس يصل إلي السلطة في بلا السيبة ينشئ حزبا يسبح باسمه ويتعبد في محرابه....

في بداية ميلاد الخديج السياسي المعتوه الذي سماه البعض موريتانيا، كان هناك حزب الشعب الذي حاول صهر جميع الناس والعباد والدواب والحجر والشجر في حزب واحد أطلق عليه تورية "حزب الشعب" من أجل الشعب ليظلم الشعب ويضطهد الشعب. أما في فترة العسكر فكانت هناك أحزاب النياشين والبذلات الغبارية و سياسة الأحذية الخشنة....

جاء كبيرهم الذي علمهم التسيس معاوية ليطوع الحزب للقبيلة ويبدل الزي العسكري ببذلة منمقة تحمل في طياتها عجرفة العسكر وضيق فكر السياسي المحنك في أرضنا التي أضحت فيها السياسة لعبة لا يمارسها إلا كل أصم معتوه لا يفقه من القول إلا حب السلطة والتسلط....

أما الآن وبعد أن ترنح الوطن المكلوم والرازح تحت جحافل العسكر والانقلابات يراد لنا أن نضحك ونقدس الحزب الواحد ونمارس السياسة والحب ونتنفس باسم "حزب العزيز"، الحزب الذي يدعي أنه حزب من أجل الجمهورية ولكنه حسب كل المعطيات والقرائن الدلالية والبلاغية والمعنوية والمادية يكرس الجمهورية من أجل الحزب.....

حزب " الإتحاد من أجل الجمهورية" هو حزب لا يعدوا كونه حزب التجمهر و هدفه حشد الجماهير السذج حول كل تجمع تافه ليضمن التصفيق لأتفه الأسباب. ظل الحزب يمارس طقوس الرعونة في حق الشعب ويتلاعب بسلطة الدولة أحيان باسم الأغلبية وأحايين أخرى باسم التحسيس و الانتساب. منذ فترة وهو يمارس الإشهار والترويج لاجتماع تأسيسي لن يعدوا كونه مناسبة ليغيظ المعارضة التي لا تعارض إلا من أجل المعارضة والتي أحيان تركع للحكومة طمعا في بقية أخلاق أو شيء من التقوى....

هل عندنا حزب يستحق الثقة؟ هل جميع أحزابنا تخرج من مشكاة واحدة يظلم بعضها بعضا؟ لماذا لكل رئيس حزبه؟ ألا يجب أن تكون الأحزاب رؤية لتنمية الوطن غير مرتبطة بأفراد ورؤساء؟ متى سنفهم أن السياسة فن الممكن و العمل المشترك؟ لماذا لم تشهد موريتانيا أبدا مصالحة بين المعارضة والحكومة؟ هل تمثل الحكومة الشعب؟ أم أن الشعب لايمثل نفسه أصلا.....؟

Thursday 8 July 2010

عندما يصبح الزواج وسيلة للتعيين السياسي..؟؟

جاء الشاب من المغرب بعد أن حصل على شهادة في الطب منذ أشهر قضاها في التسكع في شوارع نواكشوط المغبرة و دهاليز المؤسسات المرتشية شأنه في ذلك شأن الكثير من الشباب الموريتانيين الذين يحصلون على شهادات عليا من الخارج ليتعلموا التسكع في داخل الوطن...

لكن صديقي العزيز لم يرضى بالتسكع فقد لجأ بمساعدة من والدته الخبيرة بالنساء النافذات في الحكومة والدولة الموريتانية، لأنه في موريتانيا ثبت مؤخرا أن النساء هن اللواتي يحكمن ويتحكمن في التعيينات من وراء الكواليس. فكم من وزير عين من أجل عيون أخته التي يتزوجها الوزير الأول وكم من الرجال تمت ترقيتهم بسبب ولائهم لمن يتزوج أخت زوجة الرئيس....

كانت والدة صديقنا ذكية عندما زارت منزل أحد النافذين طمعا في عطف المرأة التي تقبض وتبسط بحكم علاقتها بالقصر الرمادي، بعد الحديث والسلام والتذكر والتذكار قدمت الوالدة الحنونة ملف إبنها الحامل لشهادة عليا وكأنه الوحيد في العالم الذي تنقصه وظيفة وكأنه ظلم وأمضى سنينا من عمره يجول في شوارع نواكشوط. قالت السيدة النافذة إنها ستبذل قصارى جهدها في إيجاد عمل للابن البار الذي عساه أن ينفع أمه التاجرة النافذة في سوق النساء والتي بدورها يمكن أن تقم خدمات من نوع خاص....

بعد يومين من الانتظار تذكرت الأم أن الأسرة النافذة لها بنتان لم تتزوجا بعد فقررت أن تطلب يد إحداهما لإبنها العاطل عن العمل بل ولعل هذا الطلب يسرع من إجراءات التعيين وتوفير الوظيفة. ذهبت إلي منزل النفوذ الشامل مرة أخرى لكنها هذه المرة تحمل معها طلبا وعرضا قابل للنقاش و التفاوض. بعد أن أبلغت الأم المرأة برغبتها في مد جسور من نوع خاص أحيل الملف إلي الأب والذي وافق بدوره لأنه لم يكن ليرفض بعد الضوء الأخضر من المرأة وملكة المنزل والآمرة والناهية...

طرحت الأسرتان خطة للزواج في غضون أسبوعين وكان السبب المعلن لذلك تشييع الخبر و التحسيس بزواج البنت المدللة في زمن أصبح فيه الزواج صعبا وعقبة أمام آلاف الشباب الكادحين والحالمين بالطمأنينة في زواج تحيل على التعقيد في أغلب الأحيان.....

بعد أسبوع من الموافقة صدمت بخبر تعيين زميلي الذي كان بالأمس يقول لي إنه لا يعرف كيف يمكنه أن يعيش ولا كيف أن ينفق على زواجه وأنه لا يثق في هؤلاء المرتشيين والزمرة المتنفذة.... سبحان الله بعد أيام التقيت بصديقي وقد تغير ألف درجة بل وأصبح يقود سيارته وأستأجر منزلا في حي تفرغ زينة تم تجهيزه بأحسن الأثاث....

جاء خبر تعيين صديقي كمدير عام لأحد المستشفيات في العاصمة نواكشوط....

هل أصبح زواج المصلحة الحل الوحيد للبطالة؟ هل يبيع المرء جسده ومبادئه من أجل النفوذ السياسي؟ أم أن هذا النوع من زواج الرفاهية حكر على طبقة معينة في المجتمع؟

Sunday 4 July 2010

موريتانيا: الوطن... الأرض... الإنسان... علاقة تحتاج إلي التفكير...

اعل الشيخ أباه أحمد الطلبة

في زيارتي الأخيرة إلي أطار لاحظت تحولا عميقا في العلاقة بين الوطن والأرض و الإنسان خلال العقود الأخيرة. قد لا أكون موضوعيا لأنني لا أزال أحاول التفكير والتدبر في حيثيات وانزياحات الموضوع والذات، الموضوع الذي بحضوره يفرض إعادة اعتبار الذات في ضوء المتغيرات الراهنة والذات التي تحاول عبثا الرجوع إلي الأصل لتقتبس من الجذور ما يسمح لها تفكيك رموز الأرض والانتماء والهوية وعلاقة الإنسان بالأرض....

الأرض هي الموطن والوطن هو الشعور بالتشبث و السعادة بالعودة على بدء كلما جار الحنين على البعد، في وطن كموريتانيا الجميلة والتي تتمتع كل زاوية منها بخصوصية جغرافية أو عرقية أو أركيولوجية تجل منها وطنا يتحسر على انقطاع العلاقة الحميمة التي بدأ الجيل الحديث يتجاهلها كلما رأى بصيصا أو نورا في آخر النفق، نعتقد أن علينا الدخول في النفق المظلم من أجل الوصول الي غاية هي أصلا متأصلة فينا لكننا قد نستمتع بالنور والضوء خارج النفق....

إذا جاز لي أن اعرف وطني موريتانيا بأنها الشعور بالتاريخ والجغرافيا معا في حدود التجاهل والكسل الرهيب الذي يسيطر على رغبة أبنائها في البقاء داخل القمقم المظلم والعيش على أحلام قد تتحقق لكنها تظل أحلاما، أقصد هنا النسيان والتجاهل الذي أصبح عبادة يمارسها الكثير منا لتقتنع الذات بعدم الجدوائية من حب الوطن ولتموت التضحية على سفح الفضول و التمزق الذي يعاني منه الوطن المظلوم من لدن الأقربين....

أرجوا أن نتعلم كيف نحب الوطن ليحبنا بل أيضا من أجل أن يعطينا أفضل مالديه. أتعجب كيف نريد للوطن أن يحبنا ونحن لا نزال عاجزين عن منحه أكثر من شبر في قلوبنا....

أما الأرض في الكتاب الذي نتعلم فيه كيف نوجد ونخلق الوجود بالصراع من أجل الانتصار. خلال زيارتي الأخيرة لاحظت كيف يقهر الإنسان الأرض ليجعل من جبالها جنان نخل باسقة تعطي بكل سخاء دون أدنى اكتراث لصعوبة الأرض. كأن الأرض في موريتانيا تعلمت أن تستسلم أمام إرادة الإنسان الكريم الذي تعلم أن يعيش في الصحراء ويجعل من الأفق موطنا ومن الجبال حدودا ومن الواحات ملجأ وكتفا يبكي عليه ويبوح له بأسراره.
الشيخ الحكيم الذي يرى أن الإنسان يجب أن يعامل الأرض والنخلة بنفس الطريقة التي يعامل بها أبناءه. يقول إنه عندما يريد ترك نخله والذهاب إلي المدينة يغادر تحت جنح الظلام خلسة من أجل أن يشعر النخيل بذلك فيغضب ويعطش ثم يموت...

غريبة هذه العلاقة التي كانت تربط الإنسان بالأرض ومثير للتساؤل كيف ضعفت هذه العلاقة عبر الأجيال وتزداد وهنا على وهن مع تشبث الإنسان بقشور ورفاهية المدينة المزيفة والشطب على مفهوم التضحية من القاموس المدينة المعاصر...

كيف يجب أن نتصور الوطن؟ هل يستحق الوطن الذي يخذل أبناءه أن يقدس؟ هل الأرض تملك من الرأفة والحنان و الدفئ لتحفظ الإنسان مرتبطا بها؟ أي علاقة تربطنا بالأرض والوطن والإنسان...؟

Wednesday 30 June 2010

Mauritanian Moorish Women: Unfaithfulness, Secret Marriage, or Polygamy

The rate of divorce in our society is awfully increasing over the previous years, this rate has made Mauritania to be the first country in term of divorce rate in the Arab World, according to the latest Strategic Assessment of the Ministry of Women Affairs with 40% in the rural region and 37% in the city. While some of the civil society organizations estimate the rate to be 42% on the national scale. What is amazing is the traditions that make men prefer marry the divorced woman, some studies affirm that 72% of the women divorced one time get married for a second term….

“The statistics and studies reflect the high absurdity and chaos in our society that any other country in world could ever dare to reach this rate of divorce” said Dr. Mohamed Mahmoud and he adds that “the real surprise is when I tell you that the habit of divorce is not new to our society. It is an old custom since the existence of these nomadic people in this empty land. The tribal and religious leaders themselves used to get married and divorce very often. For example, Abdellah Ib Yasin, the religious leader of Mouravides in the 16th century considered divorce something simple. Some historians say that Abdellah Ibn Yasin himself used sometimes to marry and divorce every month”….

A former director of the Division in charge of Family Disputes in the Ministry said that “the reasons of this terrifying rate of divorce in Mauritania can be attributed to many factors. First, the materialistic problems; many conflicts and disagreements that some families bring to our department is related to money. Second, the issue of age, some wives come to us complaining the huge gap of ages that is a result of the fact that many families give their daughters to old men who are sometimes elder than their fathers”...

There is another argument which attributes the phenomenon of divorce to some other different factors as the activist Elhassen Ould Dah declares that “the main reason is the easy procedures of divorce for men because many Mauritanian families do not frankly discuss the family issues before marriage and also the nature of Mauritanian women, especially the Moorish who reject constantly the idea of polygamy. This fact which enslave men within the killing routine of the house, trying to find an alternative atmosphere and the easiest way is to divorce, in addition to this, the kinship marriage and the arranged marriage between relatives without taking into consideration the authentic desire of the two parities as well as the cultural and intellectual differences”….

In this regard, numbers illustrate that women are always the less educated and that is why many studies justify the official statistics and publications concerning the education of women and the rate of illiteracy among Mauritanian women which has, according the statistics of The Cultural Forum of Women, increased to reach 53% in contrast with 35% among men, while the rate of women who have achieved high school is 42% and 13% only have reached the high education at the University, adding to this the royal nature of Mauritanian women, our women are not productive but the consume too much waiting for someone to provide for her what to eat and drink….

The ease or facility of divorce in the mentalities of men makes women expect from the first day of marriage to get divorced on the following day. The traditional society also helps into spreading the culture of divorce and helps the divorced woman to accept it and make men pretend to be interested in the sacked orange….

It is however worth mentioning that while the divorce rate is rapidly increasing among Moorish women it steadily decreases among the Black Mauritanian women as well as the bride price is incredibly getting much high is preventing many men from even thinking to get married. This increase of divorce has brought about a new habit that many women now are working in the rural areas to provide their families where the statistics show 42% in comparison with 37% in the city….

The government has tried to reduce the catastrophic consequences of divorce on individuals as well as families. It has attempted to prevent men from shrinking their duties and responsibilities towards their divorced women and children. This was clearly stated in the regulations set by the government in 2001 which has guaranteed for women their rights and their children…..

Parallel with the phenomenon of divorce in our society, there is also a common habit which is getting married from the divorced women. Men in Moorish society prefer divorced women than the novice ones, according to statistics, the rate of those divorced women who got married for the second time is 72, 5% and 20% for those who have been divorced two times, and 6,7% for the divorced three times, while for those women who have been divorced five times or more the rate is 1,5%.....

Many sociologists see that the reason is due to the low price for getting married with the divorced as well as the widespread of divorce disturbed the social balance to the extent that divorced women are more than those never married, thing which limits the choice of men in addition to the fact that men look only for the experience woman……

Refusing polygamy and disregarding unfaithfulness:

Polygamy among the Moorish community is considered a sort of humiliation and disrespect to the whole family or tribe of the first wife. Traditionally, many religious leaders rejected polygamy because they said it is against the customs and traditions of Moorish morals, so they went to the extent that if a man got married from a second wife his first wife is automatically divorced as always illustrated in the contact from the early beginning. While some religious leaders are calling for stopping this habit as long as it is in blatant contradiction with the teachings of Islam, the government has included if the family code as one of the major conditions of marriage……

According to the National Bureau of Statistics, the rate of polygamy in Moorish community is less than 3% and many case of this changes are results of the advent of new ideologies within the Moorish traditional society such as the deplorable poverty. If there is any case of polygamy it should be no more than two wives while in the Black Mauritanians the polygamy rate is more than 39% , 9% of them have four wives. And also as a result of the study of fertility has occilated among the Black community to reach 53,2% in Soneke, 50% in Woolof, and 35,9% in Polar community ( this is always according to the National Bureau of Statistics)……

Moorish women: Secret marriage or polygamy:

In contrast with the prevalence of divorce in our society, there are other increasing strange practices that many experts in sociology attribute to the upheaval changes that are taking place in our society. Many observe that Mauritanian women prefer secret marriage than polygamy because they are afraid of being exposed to the society. They prefer secret marriage but not polygamy in public….

In this regard, many Moorish women turn into blind eyes and deaf ears to the adventures of their husband as much as she can till she decides to be angry and ask for reconciliation or compromise in public but this will only be if she knows that all the neighbors and the families knew about these adventures…..

Many men opt for secret marriage because many women accept it, maybe because women are divorced and need to provide their families and they are in desperate need for help, or because many of these women are already old enough to get married and are afraid of losing the opportunity. Many of these women are also poor and always surrender the desire of old rich men to exploit them…..

These secret marriages are often the real cause of most of the family conflicts, especially when the woman finds herself obliged to acknowledge or reveal the secret after she is obviously pregnant or giving birth. This kind of marriages are now common and accepted by the society; families try to solve these disputes without going to the court due to the fact that many of men involved in secret marriage are public figures or high officials in the government….

Eventually, the relationship between men and women in our society needs a lot of efforts to dig deeper into the origins of the misunderstanding and potential conflict. This conflict is not affecting the momentous future rapport between the two poles of any family, but rather it intimately affects the future generations and the upcoming aspiration of a coherent and cohesive community…..

موريتل.. ماتل... شنقيتل: ثقافة الاستهلاك و خطاب الإشهار

منذ عقود دخل العالم عصر الصورة والمعلومة وأصبح الاستهلاك وعلاقته بخطاب الإشهار وتقنيات الإعلان ثقافة تفرض نفسها وتدخل كل بيت دون إذن مسبق. لكن في موريتانيا تنقلب كل القواعد حيث خطاب الإشهار لا يحتاج إلي أي تقنية إعلان ولا إلي خطاب يسعى المنتج إلي ترويجه بل أضحت العقلية استهلاكية لدرجة سلبية جعلت من مجتمعنا سوقا مربحا لكل الشركات الرابحة والتي بفضل عقلياتنا المتأخرة والمحنطة تتحول إلي إمبراطورية اتصالات في ظرف وجيز....

وأنا أقوم بالنبش في الأرشيف المتعلق بأرقام الأرباح و التخمينات والتوقعات لشركات الاتصال في موريتانيا، صدمت عندما قرأت أن صافي أرباح شركة واحدة من شركات الاتصال الثلاث: موريتل أو ماتل أو شنقيتل يزيد على 75 مليار أوقية سنويا أي ما يضاعف ميزانية موريتانيا تقريبا في سنوات إزدهارها القليلة....

بل إن العجيب في الأمر هو أن عدد المنتسبين أو المستخدمين لجميع الشركات أو الإمبراطوريات الثلاث¬- إن جاز التعبير- يكاد يكون متساويا لسبب بسيط يعود في جوهره إلي ثقافة الاستهلاك السائدة عند الموريتانيين و ابتلاعهم للطعم الذي في كل مرة تغلفه إحدى هذه الشركات في شكل خدمة مثل فوني أو الخيمة أو حتى في شريحة جديدة مثل أشبه و ون أو حتى أحيانا في احتكار الشريحة والهاتف معا لضمان الربح المضاعف والترويج للماركة التجارية. بل إننا تجاوزنا المعتاد إلي حد الفوضوية في استهلاك الرصيد و الهواتف ونحن نكاد بشق الأنفس نوفر الضروريات....

فمثلا تجد أسرة بسيطة تتكون من 8 أفراد يعيلها رجل واحد يعمل في مؤسسة للبطالة المقنعة وكل فرد من هذه العائلة يملك هاتفا محمولا أو اثنين وقد يصل العدد إلى ثلاثة بعدد الشركات التي تحتل عقول الناس. كما قال الشيخ الفقير اليوم في ساحة السوق عندما رنت هواتفه الثلاث في ظرف زمني وجيز ورد على كل واحدة بأسلوب يليق بالمتصل وبشخصية تختل، تساءلت هل لتعدد الهواتف علاقة بتعدد الشخصيات؟ هل صارت الهواتف المحمولة أيضا وسيلة للنفاق والتملق....

قررت أن أسأل الرجل عن قصة الهواتف الثلاثة فجاء السؤال كالتالي: ترى لما يحمل أغلب الناس ثلاثة هواتف وثلاثة أرقام أي ثلاث شرائح للاتصالات في آن واحد بينما من الصعب حتى السيطرة على رصيد واحدة؟ كان جواب الرجل عاميا وقال بحنقه لا تخلوا من التعجب: هذه شنقيتل ورصيدها لا ينتهي بسرعة. وهذه موريتل للعامية والبسطاء وأحول منها أكردي للعائلة والأسرة وأتواصل بها مع أغلبية الناس ودائما فيها الزيادة على العكس من شنقيتل. أما ماتل فهي للأغنياء و الزبناء الكبار و أعطيها فقط لزبنائي الكبار. بعد ذلك علمت أن الرجل سمسار في ما يطلق عليه محليا "بورصة الشمس"....

ليس فقط ذلك الرجل الذي يحمل ثلاثة هواتف أو اثنتين على الأقل، بل إنها أصبحت موضة وغير العاملين بها يعتبرهم المجتمع خارج دائرة الزمن. نحن شعب غريب الأطوار نستهلك كل غريب ثم نحوله إلي عادات وتقاليد لنفرضه على الآخرين...

أيضا إن طريقة تحويل الرصيد وثقافة بيعه في الطرقات أضحت ثقافة بل ووظيفة توظف فرص شغل للكثير من الشباب والشيوخ على حد سوى. لكن العيب في طريقة تحويل الرصيد نفسها التي تتميز بها موريتانيا وحدها حسب علمي من بين جميع دول المنطقة. هذه الطريقة تكرس ثقافة التسول و مفهوم "العار"، أحد المصطلحات السخيفة التي يتعامل بها المجتمع دون تحديد السياق الاجتماعي أو الاقتصادي لها....

فمثلا لكل شابة الحق أن تتصل بحبيبها وتوجه له الأوامر الصارمة بأنها تنتظر إرسال رصيد لها وسواء اشترى البطاقة وأرسل لها الرقم أو أرسلها من رصيده، بل المهم أن جميع شركات الاتصال توفر هذه الخدمة التي تتناغم مع سيكولوجية الاستهلاك و الإتكالية للموريتانيين فالمهم هم الربح وليس المستهلك....

طبعا إذا دخلنا في قراءة لألوان و عبارات الإعلانات المنتشرة في شوارعنا المغبرة والتي أصبحت في الآونة الأخير تتكاثر باضطرار وعبثية حتى لجأت إلى نصب الخيام على قارعة الطريق وسط العاصمة و نصب يافطة تخلو من أي لغة غير اللغة الاستهلاك و النصب والاحتيال...

هن بين التساؤلات التي تطرح نفسها في هذا السياق: هل نفهم أصل أن الاستهلاك ثقافة و تقنية تؤثر مباشرة على الثقافة الشعبية؟ لماذا نحمل هواتف جميع الشركات في جيب واحد؟ أم أن عقلية الدراعة تتسع لكل ذلك كلما هبت الريح لتصبح خيمة تنتصب على عود؟ هل إن الإنسان الموريتاني الجاهل والأمي يستحق أن يستهلك ما لا ينتج؟ لماذا لم نحاول أن نفتح شركة وطنية للاتصالات ترحمنا أو على الأقل تأكلنا من أجلنا؟ أم أنه لازال بإمكان مجتمعنا الفقير أن يساهم في أرباح شركة رابعة؟
متى سنتعلم أن الاتصال وسيلة وليس غاية؟ أليس أي رقم في أي هاتف لأي شركة يفي بالغرض؟ أم أن الغرض حمال أوجه أخرى تتعلق بالمظاهر الاجتماعية والتنميط؟؟؟

Monday 28 June 2010

لماذا الموريتانيون في الخارج ... يحتالون وينصبون على الناس ؟؟؟؟؟

لازلت اذكر حكمة تعلمتها من مهندس تونسي قدم إلي موريتانيا في تسعينيات القرن الماضي كشريك مع أحد الأشباح الذين يطلقون على أنفسهم رجال الأعمال، والأعمال هنا عندنا مهنة مفتوحة على مصراعيها تشمل حتى النصب والاحتيال وفن التلصص والتهريب....

يقول لي زميلي التونسي بعد أن أمضى 10 سنوات من عمره ينتظر الإنصاف من العدالة الموريتانية التي لم تولد بعد : "عزيزي اعل الشيخ أنتم شعب طيب وكريم وساذج لكن المشكلة هي أنه لا توجد خطوط حمراء في عقول البيظان، فالبيظاني لا يعترف بالقانون ولا تحكمه الأعراف ولا الدين أن يحتال على أي كائن كان من أجل المال. لأن المرأة تطلب المال والرجل يطلب المال والطفل يريد المال والحماة تريد المال والمال يريد المال. لقد تحولت حياتكم إلي جحيم من أجل طلب المال دون المرور عبر الطرق السليمة، فالكل يريد أن يصبح غنيا بين عشية وضحاها..."

أنا أعرف أن مشكلتنا ليس المال فقط بل هي أزمة مفاهيم ومصطلحات فالسرقة عندنا إنجاز و الكذب عندنا مجاملة و الحب عندنا خيانة ومشاحنة والصداقة استغلال والدين عندنا عادات وإجترار و المرأة عندنا سرير والرجل حمال و الأولاد قطيع من الغنم في الخلاء بلا تربية ولا ناهي ولا منتاهي...

تجد أن الرجل يتحول إلي غني في ظرف أسابيع فيزيد احترام الناس له وتجد آخر يمضي حياته في الالتزام والاحترام فيحتقره المجتمع ويهمشه الناس..هذا النوع من الأزمات والخداع والكذب لم يعد حبيس حدودنا بل بدءنا تصديره إلي الخارج منذ عقود، فكثيرا ما نسمع عن موريتاني هارب من دول الخليج وقد زور شهادة وفات أو موريتانية تزوجت من ثلاثة رجال في السعودية أو حتى عن رجال في السعودية يتزوجون من امرأة وخالتها وعمتها وابنة خالها وكأنهم في مدجنة أو حديقة حيوانات يسكنها القردة..

في هذه الأسطر سوف أثير بعض الأسئلة حول هذه الظاهرة التي تجاوزت الحدود وأصبحت عابرة للقارات وتكاد تكون مرادفة لاسم موريتانيا من دبي إلي بكين مرورا بهونغ كونغ وأنقرة...

في الأيام القليلة الماضية سمعنا طبعا بالمرأة وزجها اللذان سخرا عقد زواجهما للإخلال بعقد آخر مع أجنبي ورجل أعمال مرموق ودولته بدأت بمساعدة موريتانيا على الرغم من جميع الشكوك والارتياب الذي يكتنف هذا الاهتمام. وسمعنا أيضا بطفل الأعمال الذي أختال على الصينيين والذي راح ضحية أعماله البشعة ابن خالته بينما هو يتمتع بالمبالغ التي يعتبرها غنيمة سلبها من دار الكفر فهي حلال عليه بل ويعتبر أن دماءهم حلال أحيانا....

ما هي الأسباب التي أدت إلي هذا النوع من الخيانة والاحتيال؟ هل يجوز للمسلم أن يحتال على من يختلفون معه في الدين؟ لماذا يحترم المجتمع هؤلاء وتفتخر بهم الدولة وتدافع عنهم؟ هل نحن فعلا نمثل الوطن في الخارج ونخاف عليه ؟ أم أنه أساسا لا وجود لما تطلق عليه الجغرافيا بلاد "السيبة" أما التاريخ فقد نسيناه؟ كيف نعيد الاعتبار إلي بل أصبح أبناؤه في الخارج يوصفون باللصوص والمحتالين؟ هل هي مسؤولية الحكومة أم المجتمع أم المثقف ؟ أم أنها أزمة تربية وتعليم ونتيجة جهل بالوصول وتجاهل للمدنية؟

Sunday 27 June 2010

وجهان في وجه.... هل نفهم الدين ؟؟؟

شيخ في الستين من عمره يعيش في كوخ متهالك يبدوا وكأنه أثر قديم من نضال متجدد مع الظروف القاحلة والفقر المدقع الذي يترك بصماته في كل تفاصيل الحياة، الشيخ متزوج من فتاة تبلغ من العمر 20 سنة لكنه ربما تزوجها قبل 8 سنوات لأن أبناءهم أكثر من ستة أطفال يخيل إليك أنهم ولدوا في شهر واحد...

الشيخ المسكين يعمل في السوق يبيع أشياء يتجول بها من الصباح إلي الليل ليرجع إلى كوخه المتداعي وزوجته الطفلة المحرومة المسكينة التي تحولت من إنسانة إلي آلة جنس ومكينة لإنتاج الأطفال. يقع الكوخ في وسط أرض ضيقة وكأنها قبر يضيق على صاحبه كل يوم. المسكينة تخيط لملاحف وتعمل عند الجيران بل وأحيانا تدخل على البيوت المجاورة طمعا في سخاء بعضهم بحياء ووقار و استسلام...

لكن المحزن أو الملفت للانتباه هو الطريقة التي يعامل بها هذا الرجل الفظ الطفلة البريئة و الوديعة التي سلبها المجتمع البراءة و قدمها خادمة مطيعة لوحش لا يرحم ولا يرى فيها إلا جسدها الذي ترهل من الولادة والجوع والحرمان و ممارسة الجنس....

يرجع الرجل كل ليلة بعد صلاة المغرب ليجلس أمام كوخه و يشغل شريطا من الدعوة ويرفع صوته حتى يخيل إلى المار من الطريق أنه مأتم أو ندوة لدعاة يمارسون طقوسهم المعتادة.... تتحدث الأشرطة التي يستمع لها هذا الرجل دائما عن مواضيع طاعة المرأة لزوجها وحقوق الزواج وواجبات كل من الطرفين اتجاه الآخر في محاولة من هذا الرجل لإضفاء لباس الدين والتدين على الممارسات الفظة التي يمارسها في حق زوجته...

البارحة فقط ارتفعت أصوات الصخب وتعالى النحيب في ذالك الكوخ القديم حيث بدأت المرأة بالنحيب الرهيب الذي تتفطر له الكبد ويندى له الجبين وعندما جاء الجيران وتجمهرت المارة قالت المرأة المسكينة إن زوجها يضربها على أتفهم الأشياء و يعذبها وكلما حاولت أن تتكلم معه يصيح في وجهها ألم تسمعي الفقيه في الشريط يقول بأن الزوجة يجب أن تطيع زوجها وأن لا تجادله.... قالت المرأة المسكينة إن زوجها لم يطعمها منذ يومين لأنها لم تلبي رغباته الجنسية.....

لماذا يستخدم بعض الناس الدين مطية لتعذيب آخرين؟ أليس الدين رحمة وليس شقاء؟ أم أن المشكل يكمن في فهم الدين وليس الدين نفسه؟ أليس من الخطورة أن نسمع ونقرأ دون أدنى حس بالفهم؟ هل يجب أن نبتلع قشور المحاضرات و الخطب و المفكرين المحدثين وكأنها هي عماد الدين و أصله؟ أليس الانفتاح الأعمى على المتطرفين و المتحجرين في الدين يشكل خطرا على حياتنا؟ أين علماؤنا ومثقفونا ورجال المجتمع من هذه الظواهر التي تتكرر في صمت الظلام....؟

Friday 25 June 2010

النغمة الذهبية... مشروع مربح ...عنصرية صارخة... واحتكار للفن

يجب أن نفهم أن النغمة والفن لا علاقة لهم البتة بطبقة اجتماعية معينة ولا بلغة معينة. فالنغمة في لغة بولار والولف والسونكي هي أيضا نغمة وفن ولها ضوابطها وجمالياتها وتستحق المنافسة في البرنامج الذي أصبح شعبيا في الأوساط المهتمة بمضيعة الوقت. هذا البرنامج الذي صمم بمقاسات معينة تتعلق أساسا بالعرق والطبقة الاجتماعية واللغوية ويغكس العنصرية الصارخة التي مافتئ يمارسها البيظان في موريتانيا داخل حدود الذات المتعفنة......

إن فن البولار والسونيكي و الولف أيضا فن له مقاماته ونكهته الفنية التي لا يفهمها إلي من تعلم فن اكتشاف الذات وهضم الآخر. إن هذه الأعراق ليست آخر بقدر ما هي جزء وأساس للثقافة و الذات الموريتانية ولا يجوز تهميشها بأي ثمن ولو كان الهدف محاكاة عقيمة لمسابقات نستهلكها دون أدنى وعي ولا أبسط فهم لمعنى الفن والجمال و الذوق والنغمة في الموسيقى، فالموسيقى هي لغة الكون التي في غالب الأحيان لا تحتاج للترجمة بل إلي الفهم والتمتع بحس يخلوا من العنصرية والاحتكار....

لابد أن أشير هنا إلي أن هذا البرنامج ليس من إنتاج التلفزيون الوطني بل هو فكرة رجل أعمال يسعى إلي الربح من ورائها ليتقاسم الأرباح مع التلفزة التي لديها أصلا فائض من الوقت وخصاص في البرامج والتي أن وجدت اصلا هي دون هدف و لا معنى تربوي.... صاحب المبادرة هو شاب يملك مؤسسة لتصوير المناسبات الاجتماعية و الأعراس ورأس مالها بعض الأشخاص والأجهزة ومحل أشبه بحانوت سقط.....

إن هذا البرنامع عنصري في مضمونه وأهدافه لأنه لا يمنح أي فضاء و لا يعطي فرصة لؤلئك الذين يمتلكون مؤهلات إبداعية وفنية ولكنهم لا ينتمون لعائلات فنية عريقة أو ساذجة أو مرتزقة، ولا يعطي كذلك فرصة للأعراق الأخرى التي تكون النسيج الاجتماعي لموريتانيا لخلق نوع من التجانس والتناغم الذي عسى أن يؤثث للتفاهم والحب والإخاء والعدالة ويؤكد الشرف و التعددية الثقافية.....

فنغمة البرنامح واحدة والطبقة الاجتماعية واحدة و نوع الفن واحد وأدوات الفن هي نفسها وإيقاعه واحد ولجنة التحكيم واحدة وكأن المنظمين أرادوا إقامة حفل من النوع الرخيص الذي تعودنا علية في كل مناسبة للتبذير والبذخ وكلما أراد نا الزواج بمعايير المجتمع الموحدة....

لا تجد هذه العائلات الفنية أية منافسة لا من طرف الهواة ولا من الطبقات الأخرى لأن المجتمع أصلا لا يؤمن بالمواهب والإبداع والمساواة، فكلنا نعلم إلي أي حد يعبث المجتمع بمستقبلنا وأعراقنا بفرض أعرافه وعاداته التي كانت وتظل المنظومة الأخلاقية الوحيدة المسموح للفرد بإتباعها والخروج عنها يعتبر تنكر للدين و كفر بواح مع أن الدين براء منها ويقاوم وجودها كبقية من الجاهلية والبداوة.....

النغمة الذهبية أضحت نغمة عنصرية و احتكار لقواعد الفن وحصرها في لغة ومشروع وعرق واحد في تجاهل كامل لفسيفساء المجتمع الموريتاني الذي لن يتطور دون تجاوز العنصرية والتمييز والاحتكار للعرق والطبقية والمجتمع والفن والجمال والمال والهوية والسلطة والأحلام والحياة والموت والزمن والمكان....

Wednesday 23 June 2010

ماذا بعد صدقات وتبرعات المانحين لموريتانيا....؟؟؟

تبجحت الحكومة الموريتانية صباح اليوم بحصولها على ثقة المانحين الدوليين بموجب حصولها على مبلغ 3.2 مليار دولار ليس كهبة بل كقروض تضاف إلي الكثير من المنح الأخرى التي ستدفعها أجيال موريتانيا القادمة أو تظل قلائد من الذل والهوان لا تزيدهم إلا فقرا و تسولا للمجتمع الدولي...

هذا التسول أصبح عند الأغلبية الحل الوحيد للجمهورية الإسلامية الموريتانية ومناسبة لتصالح وحوار الحكومة والمعارضة لتجميل الوجه القبيح المشوه أما مرآة الأجانب ليتبرعوا علينا ونحن أغنى من بعضهم لكن الطبيعة و مواردها شيء والعزة و الكرامة والنفس الأبية والوطنية أشياء أخرى. نحن نملك الطبيعة ولكننا لا نملك الوطنيين الذين يعملون من أجل البناء...

نفتخر بحصولنا على صدقة أو دين لأنه بعيد الأمد ونرفض حتى بذل الجهد في خلق بصيص أمل داخل الأزقة والشوارع المغبرة في مدينة الظلمة والظلام، نواكشوط. يطل علينا الوزير الأول بمحياه و كل ملامحه توحي بالغبطة والسرور على أنه أستطاع جلب أموال طائلة من المانحين لرئيسه وبعض الشرذمة الآخرين الذين ينتظرون الأموال بفارغ الصبر لاقتسامها قبل حتى أن تصل إلي البنك اللامركزي...

قد يكون السبب من وراء إطلاق حملة شعواء عدة أشهر قبل عيد الاستقلال و تصريح الحكومة عن عزمها صنع ورقة بقيمة 5000 أوقية لتسهل على المرتشيين حمل أكبر كم من العملة في أصغر حجم ممكن....

طبعا هذه ليست أول مرة ولن تكون آخر مرة تتلقى فيها موريتانيا صدقات في شكل ديون من الخارج، لكن خصوصية الصفقة هذا العام هي أن ليبيا دخلت على الخط ساعية وراء مطامعها ومصالحها في الجارة الضعيفة حيث منحت 500 مليون دولار بينما لم تمنح فرنسا سوى 40 مليون أورو. فهل منحة ليبيا هي فقط رأفة ورحمة بفقراء موريتانيا أم أنها تغزل وتحرش ببلد ظل من السهل خطب وده بسبب جشع القادة السياسيين ورؤساء الأحزاب اللاسياسية...؟

من الحري بنا التساؤل: أين ستذهب هذه الأموال الطائلة؟ ألم يئن لجيوب الجشعين أن تمتلئ؟ هل الشعب الموريتاني يستحق أن يظل بيادق شطرنج يلعبها بعض الأشخاص النافذين والمحتكرين للسلطة والمال والنفوذ باسم القبيلة و المصاهرة أو بالجهوية؟

Tuesday 22 June 2010

Mauritanian Political Opposition and Government: the National Parade?

I always wonder what political opposition means in a land of political instability. What does it mean the government when it is not for people? Is there a real alliance or initiative which would be metaphorically labeled as political opposition in Mauritania? Do not the government and opposition have the same ideologies but changing masks and altering the color of their skins in accordance with the prevailing situation….?

I think to understand the reason behind this political chaos which the postcolonial Mauritania has been going trough for decades, we need to go back in the ancient history of this land which is described in the books of history as the ‘the land of disorder’ which mean in Arabic ‘بلاد السيبة’, i.e. the land which has never been governed by a king or has never known any kind of central authority (government)…..

This description is still valuable and meaningful in the new Mauritania because the mentalities and the traditions of people did not change towards understanding the significance of a democratic regime or what does it mean to be elected by people for the common benefit of the people regardless to their races and ethnicities; while this was meant to be the alleged aim behind implementing democracy in the land of disorder….

In the 1990s’, democracy was introduced by a military regime which has marked a transition in the history of the contemporary Mauritania. This version of democracy proved later on its insufficiency and the infeasibility within a society where the tribe and blood kinship is stronger than any political regime that will ever happen to take place in Mauritania. This contradiction between being democratic and stick at the same time firmly to the old traditional outdated political authorities, including regionalism, nepotism, and tribalism is what makes the political opposition and the government almost the same….

Whenever there is any election to take place we see the political opposition trying to show that is still alive but it will die soon after the election, anguishing like a fire by means of being compromised and given some seats in the parliament by which they can speak in vain in order by the end of the day pass whatsoever bill proposed by the government without any reservation. The opposition does not show up until the last minutes or in occasions like begging the international backers….

During the previous weeks, we have witnessed some kind of negotiation and predisposition of negotiation between the government and the opposition about how to share the national cake that is still to be cooked and made outside; they have started negotiating how to include some and to exclude others with the debts that are to be given by the backers in Geneva next month….

This is obvious since we know that the origin of the political disagreement between the opposition and the government is a result of 50 million Euro which has been allocated to initiate some future projects in Mauritania and the government did not include that amount in the coming budget, so the opposition started to inquire about where that money has gone not for representing people but only to have a share as many of opposition activists stated bluntly in last week meeting. So, the opposition wants its share from the national cake that is why they want to take a hand into the national parade….

Yet, the opposition and the government know how to play the game according to certain rules imposed by the majority and negotiated by the opposition. This game has become a national parade in which the political parties sit to gather and decide upon their own future and never opt for the future of the nation, Mauritania. For, the future of those people who were alternatively exchanging power, money, and influence among them within their narrow circle of personal interests….

Needless to say that our political opposition is a part of the government since they stem from the same origin and belong to the tribe as the superior institution in Mauritanian, the opposition pretends to be against the government but applaud for it in the parliament. Our political opposition refuses to negotiate when the concern in internal and surrender if the aid is coming from outside....

I wonder again When this national parade will end and roll out serious dialogue for future long-term plans….?

Thursday 17 June 2010

مدينة نواكشوط... تعايش الأزمنة ؟

من النادر هذه الأيام أن يجد المرء نفسه يسير على قدميك ليلا في كزرة عرفان ( أحياء الصفيح) أو في كبة المربط حيث تتراءى له مدينة نواكشوط الحقيقية بأضوائها تنير الأفق من بعيد في جهة الغروب....

في تلك الكزرة وأنا يلفني الظلام الكئيب تجلى لي أنه في مدينة نواكشوط تتعايش الأزمنة حيث يعيش بعض الفقراء في خيمة أو كوخ وتلفاز باللون الأبيض والأسود وظروف حياة أشبه بموضة الثمانينات من القرن الماضي، بل إن الأغلبية لا تملك حتى ثمن خيط كهرباء مسروق تحت جناح الظلام لعلها فقط تضيء المطبخ لتثبت وجودها في قلب ظلام عاصمة الثقافة الإسلامية ل 2011 ، نواكشوط.....

هناك أيضا آلاف الأسر تعيش في ظروف أشبه بالقرون الوسطى و كأنهم مطرودون خارج سور من قلعة أحد الإقطاعيين الإرلنديين في الريف الإنجليزي، لكن الفرق أنه في الريف الإنجليزي هناك الخضرة و المناخ اللطيف أما عندنا في نواكشوط فلا يوجد سوى الشمس الحارقة والغبار الغاضب و الفقر المدقع الذي يدفع الأسر التي تحتضر في المناطق الداخلية للهجرة إلي نواكشوط لتعيش على شاطئ بحر من السراب يحلمون فيه برفاهية لن تتحقق....

كأنه في نواكشوط كتب على هؤلاء المواطنين أن ينتظروا الموت والاندثار في الصمت والظلام على حافة مدينة تتعايش فيها الأزمنة و تمتص فيها أقلية دماء الأغلبية....

تلك الليلة شعرت بمغص في قلبي وألتفت إلي صديقي الذي تذكرت فجأة أنه كان معي متسائلا: هل نحن حقا في عاصمة الجمهورية الإسلامية الموريتانية؟ أين الإسلام؟ أين مظاهرات وتضامن الشعب الموريتاني؟ أين الساسة الذين يهرعون إلي هذه المناطق في مواسم الانتخابات؟ لماذا لا يثور الشعب من أجل حياته و إنعتاقه من الذل والحرمان؟ ألا يستحق هؤلاء أللآلاف من الموريتانيين العيش الكريم؟ هل هذه عاصمة حقا؟ أم أن شبه العاصمة هناك بعيدا حيث الأضواء تشع عبر المدى في جهة القصر الرمادي اليتيم الذي قدمته لنا جمهورية الصين منذ سنوات كهدية لزعيم ظن أنه سيعيش فيه إلي الأبد؟

قد يكون السبب وراء هذه الحالة المزرية لمعظم المهمشين والمحرومين نابع من الجهل و الإتكالية والانهزامية التي يرفلون فيه باستسلامية عجيبة ولا مبرر لها، فعندما تسأل بعضهم لماذا تعيشون في ظروف كهذه لا تليق بالكلاب سيقولون: هي الحياة والله تبارك وتعالى أعطانا هذا ونحن ننتظر حتى يعطينا ما نريد يوما ما. والحمد لله. نحن لا يمكن أن نصارع القدر. سيفتح الله....

طبعا الطموح و التغيير في عقلية هؤلاء الضعفاء المستضعفين هو صراع ضد القدر وكفر بواح، فالإنسان بالنسبة لهم يولد فقيرا ليعيش ويموت كذلك.... لا وجود مطلقا للتضحية والتخطيط والتحول في حياة هؤلاء الناس.....

هل حقا أن القدر ظلمهم أم أنهم ظلموا أنفسهم ليستحقوا ما يعيشوا فيه من نذالة و استسلامية؟ هل نواكشوط الأضواء و الرفاه لا تليق إلا بالذين يضحون بالعرق و الدم و أحيانا بالكرامة والإنسانية؟ هل كل من يعيش في مدينة نواكشوط الحضارة والأضواء سفاح ومرتش و مرتش؟ بينما كل من يعيش في مدينة نواكشوط الظلام والفقر والجهل والمرض مظلوم وضحية ؟ أم أن نواكشوط كأي عاصمة في العالم تتعايش فيها الأزمنة؟ أم أن الزمن الذي نعيشه جميعا يختلف عن الزمن الطبيعي الذي يعيشه العالم من حولنا؟؟؟؟

Tuesday 15 June 2010

Facebook Profile Picture: Hey, there. Please, Who Are You …??!!

Many of our friends on facebook use a picture of their preference which might reflect a psychological aspect or let us just say it gives an impression of how this or that person thinks. To reveal the secret of this enigma, I have been observing the increasing number of my friends on facebook to categorize them or at least endeavor to understand with whom I am sharing my opinions and who is tagging me, commenting my articles, or posting on my wall his or her ideas….

I should say that I have failed to classify my 900 friends on facebook; this sense of failure has stimulated me to write this article in which I will try to figure out the extent to which the profile picture on facebook can be a symptom of the real person who has chosen it to be his/her face on the virtual book? How these pictures respond to the instantaneous need or expectation of the facebookers? Why many men and women do not want to appear on facebook with their authentic pictures rather than hiding behind a flower, public figure, religious slogan, or just a picture of an beautiful singer or an attractive Hollywood actor….?

I would not say that such reading (misreading) of profile picture on facebook is a thorough psychological analysis of the reason why people choose not to display their pictures and prefer to stay unidentified, this fact of being anonymous sometimes gives a better chance to publish or comment unreservedly on articles, status, or pictures of others…..

It seems that people change their profile pictures sporadically in accordance with their political or cultural affiliations. In the previous weeks, we have seen how many Mauritanian facebook users consumed graphics of a ship, symbolizing the Caravan of Freedom that has tried to break the siege on Gaza. Now, we are witnessing many facebookers replacing their profile pictures with the slogan of World Cup in South Africa. So, the facebook profile picture keeps changing in attempt to be updated. Has it become a way of expressing one’s political or ideological positioning in relation to the current issues revolving around? Does the profile picture on facebook characterize or categorize the users’ creed or credo?
This phenomenon is not only limited to the choice of a profile picture but it also includes names and personal information. For example, while surfing the list of your friends you can come across names such as: Weld Mauritani, العراد, Mint Ehli, الشبيبة, or ابن الوردعروة…. to mention only few. These names illustrate the dilemma of being afraid of using real names and having the desire to take a hand into the revolution of New Technologies that affects all the aspects of our traditional society……

There are many other people who use their facebook accounts with pictures of religious or political figures. We can see some of them with the picture of Med Hassen Ould deddaw, Mohamed Hassan, Ibrahim Edewish, Youssef Garadawi, or Amer Khalid…..et cetera. But others would prefer to use political figures such as: the president Aziz, Maawiya Ould Taye, Jamil Mansour, Ahmed Ould Dadah, Massou ould Belkheir, or Jamal Abdenasser…...

Maybe, these people find themselves more apposite when they expose themselves with different pictures. But here one can ask the question: why should anybody prefer to use any picture since he can use his own image? And I am saying HIS, I mean men because we all know what some fanatic Mauritanians did with the pictures of some women on facebook and the insulting group they created…..

It is to say that Facebook profile picture has been a way of dissimilating one’s self within a latent/manifest discourse which many people are already involved into. This discourse permits us to be available on Facebook but do not physically exist in reality; this availability has been seized by many hipster to express themselves freely or to attack others’ whenever they disagree with them. On facebook, we are making friendship on daily basis with some people who are almost ghosts for whom we do not have any name or shape. Sometimes, I want just say: Hey, there. Please, Who Are You….??ꜝꜝ

Monday 14 June 2010

في ذكرى اليوم العالمي للتبرع بالدم... قصة حياة امرأة موريتانية

يوم 14-06 هو اليوم العالمي للتبرع بالدم من أجل إنقاذ حياة و مساعدة ضحايا الحوادث والذين يحتاجون لأن يعيشوا لحظات في حياة قد لا تستحق أن يعيش فيها الإنسان أكثر مما يريد.....

طبعا بهذه المناسبة يتبادر إلي الذهن الحديث عن كل الخروقات والاستغلال الذي يقوم به بعض الخفافيش ممن يطلقون على أنفسهم ممرضين وأحيانا بعض من أشباه الدكاترة الذين وصلت بهم الوقاحة و واللامسؤولية المتاجرة بحياة البشر و الترويج لحوانيتهم الشخصية التي يسمونها بعيادات يكتسبوا بها شهرة في القبيلة أو أكل أموال المساكين أو مماطلة الأغنياء....
إن الحديث عن التبرع بالدم في موريتانيا أشبه ما يكون بالعزف على وتر ممزق في عود تحطم بعد أن ضربه صاحبه بعرض الحائط كما تضرب حياة المساكين الذين يلجئون بسبب الحاجة إلي مركز الإستقطاط الوطني.....

هناك الكثير من القصص الواقعية التي حدثت لمواطنين كانت حياتهم تعتمد على قطرة دم يبيعها جشع و يحقنها مصاص دماء في ظروف أشبه بمزبلة على قارعة الطريق تفوح منها رائحة الموت حتى وإن كنت مجرد زائر لبضع دقائق لأحد المحكوم عليه بالمرض إن كانوا بحالة سلامة أو بالموت إن كان فيهم ما يستدعي التداوي....

هذه القصة التي أكتبها الآن حقيقة وقعت منذ أسابيع في قسم الحالات المستعجلة في المستشفى الوطني الوحيد في نواكشوط....

بدأت بمرض مريم في مدينة الطيطان، المدينة المريضة والمنكوبة هي الأخرى ، لم تجد المرأة هناك من يشخص لها المرض وبقيت تصارع الموت في صمت وتوكل على الله- ونعم بالله- في حين بدأ زوجها رحلة من العناء و التسول عند المحسنين ورجال القبيلة ليحصل بعد كل السخاء على مبلغ 100 ألف أوقية ليحمل زوجته المسكينة إلي مدينة نواكشوط التي يتمركز فيها كل شيء حتى الهواء والنسيم و الحياة تتمركز في مباني الحكومة و تحت رحمة شرذمة من الناس الذين لا ينتمون إلي وطن ويعبدون المصالح الخاصة فقط...

بعد 7 ساعات من السفر وصل إلي بوابة المستشفى الوطني واتصل بأخيه الذي يسكن في "كزرة" عرفات في غرفة واحدة و أمبار و بنطرة مع 8 أولاد. كان على الرجل أن يدفع المبلغ المطلوب عند الباب قبل أن يسمح لمريضه بالدخول إلي مبنى المستشفى حيث عليه الانتظار لساعة ونصف قبل أن يخرج الطبيب من غرفته التي كان يشرب فيها الشاي ويداعب ممرضة دخلت إلي المستشفى أصلا لتنظف الدهاليز لتصبح بعلاقاتها الحميمة الخاصة تسهر في العمل لتخفف من آلام الأطباء قبل المرضى.....

جاء الطبيب وبعد نظرة خاطفة أمر الرجل أن يحضر الدم اللازم لأن المرأة نزفت الكثير من الدم بعد سقوط جنينها بسبب الجهل و صعوبة ظروف الحياة في البادية و طبيعة العمل الذي تقوم به النساء في قلب الصحراء دون وجود حتى للحمير لمساعدة الناس لأن الحيوانات نفقت أو هاجرت لصعوبة ظروف العيش....

خرج الرجل المسكين يسأل عن محل بيع الدم فدله أحدهم على متقاعد مشهور يبيع الدم أمام باب المستشفي ودائما يجلس مع الحرس عند الباب الخارجي....

سقط الرجل بإرادته في شرك المحتال ومصاص الدم و باع له أكياسا من الدم وحملها الرجل على جناح السرعة إلي الطبيب الذي لابد من انتظاره أو البحث عنه في دهاليز تفوح فيها رائحة الشماتة و اللاإنسانية. لكن هذه المرة بقدرة قادر كان الطبيب لازال في الغرفة المجاورة يغازل فتاة تجلس على بلاط الغرفة قرب امرأة يبدوا أن الأقدار حملتها إلي هناك على جناح المأساة و الضياع....

أخذ الطبيب الدم ودون فحصه حقن به المرأة التي حاولت أن تبتسم لزوجها الذي كانت تبحث عنه في الغرفة الجديدة عليها، هذه الابتسامة التي سرعان ما غابت إلي الأبد بمجرد أن أختلط الدم الذي أحضره الرجل بدمها الطاهر البشري مما حدا بالطبيب إلي التعجب وأخذ عينة من الدم ودلكها بين أصابعه ليؤكد للرجل المسكين الذي يقف بجانبه يتفرج على المسرحية الهزلية التي تودي بحياة زوجته وأم أبنائه بدم بارد.... لم يتردد الطبيب في أن يجزم للرجل أن الدم الذي أحضره ليس دم بشر وإنما دم "نعجة" من الضأن وأنه لهذا السبب ماتت زوجته وعليه أن يبحث عن الذي باعه هذا الدم لعله يرجع له على الأقل المبلغ الذي صرفه.....

هل يجهز الرجل جنازة زوجته؟ أم يترك جثتها ليبحث عن خفاش ومصاص دم من بين آلاف مثله في مجمع للمتاجرة بأرواح البشر؟ أم أنه يقول: هذا القدر و مكتوب عليها أن تموت هنا وبهذا السبب التافه وإنا لله وإليه راجعون....؟

أليس من العبث أن يرفع الرجل المسكين قضية ضد بائع الدم والطبيب والمستشفى؟ لكن أين هي المحكمة؟ بل كيف لرجل من العامية أن يرفع قضية ضد طبيب وأين سيجد المال ليدفع مستحقات محام يشرب من الدم أكثر من بائع الدم في المستشفى الوطني، آخر محطة في الحياة....

Friday 11 June 2010

موريتانيا... الإعلام وحوار الثقافات أم حوار الثقافة و دور الإعلام

ليلة البارحة يوم الخميس 10-06- 2010 وفي حضور نخبة من المفكرين الموريتانيين: صحفيين ووزراء سابقين للإعلام و أساتذة جامعيين وبعض الضيوف الأجانب، بدأ ت الجلسة التي انعقدت في فندق الخيمة تحت شعار "الإعلام العربي وحوار الثقافات في عالم متغير" بإشراف من مركز أمجاد للثقافة والإعلام….

تمحورت المداخلات بشكل يكاد يكون منسقا أن حوار الثقافات يشكل معضلة وأن الإعلام في الوطن العربي يشهد تضخما أو طفرة فوضوية أو نهضة، حاول المشاركون إثارة بعض التساؤلات حول الخطاب الإعلامي وإشكالية حوار الثقافات في عالم متغير.....

لكن الغريب في الأمر أنه لم يحاول أي واحد من هؤلاء الحضور والمشاركين والنخبة المثقفة التشكيك في حوار الثقافات و تجاوز أطروحة صدام الحضارات، بل إن الكثير منهم أحيى شجون الصراع التقليدي و الخلاف الأزلي بين الذات والآخر الذي طالما وقف حاجزا سميكا يمنع الذات العربية الخروج من البوتقة و القمقم الذي سقطت فيه بسبب تضخم الذات و التعميم و تناول المواضيع من منظور فضفاض...

من النقاط أيضا التي تثير التساؤل التخلف الفكري الذي تعكسه المراجع والكتب التي لجأ إليها معظم المتدخلين مثل "نهاية التاريخ و الإنسان الأخير" لفرانسيس فوكوياما الصادر 1989 و "صراع الحضارات" لصمويل هنتكتون الصادر 1993 و أطروحات المفكر الفرنسي روجي جارودي، حيث كل هذه الكتب والأطروحات تم تجاوزها منذ عشر سنوات على الأقل في الوقت الذي لا نزال نعتبرها المرجع و الأصل في أي وقت نذكر أو نسمع فيه حوار الثقافات أو صدام الحضارات....

يجهل أو يتجاهل هؤلاء أن حوار الثقافات لم يعد قائما لأن الأطروحات أثبتت أن الثقافات تتعايش وتتفاعل و لا تتحاور بل إن الأفراد هم من يتحاور، أما الحضارات فلا تتصادم بل تتعاقب وتتواصل....

إننا لازلنا نجتر بعض الأطروحات و الفرضيات المنتهية الصلاحية، قد يكون ذلك نتيجة لأننا في العالم العربي، وليس فقط في موريتانيا، نعيش على الترجمة من اللغات الأخرى والتي أحيانا لا تصل إلينا إلا بعد 5 إلي 10 سنوات. عندما تقرأ على سبيل المثال أي كتاب من مجلة عالم المعرفة الكويتية ستلاحظ أن الفترة بين الطبعة الأصلية باللغة الأجنبية و الترجمة لا تقل عن خمس سنوات.....

لهذا السبب أو لأي سبب آخر لازال مثقفونا يتبجحون بكتب عفي عليها الزمن كما قال لي أحدهم وهو يتحدث عن الغرب و انتشى وهو يذكر اسم ادوارد سعيد، المفكر الفلسطيني الأصل و الأمريكي النشأة والفكر، لكنه تفاجأ عندما بدأت بدوري أنتقد أدوار سعيد، على الرغم من إعجابي الشديد به، مستشهدا بأحمد إعجاز وبنتي ولومبا وبهابها وكثيرين ممن أخذوا على أدوار سعيد أنه يتناول الغرب في "الإستشراق" و "الثقافة والإمبريالية" و "قضية فلسطين" وكأنه وحدة متجانسة ومجتمع واحد في حين أن الغرب مجتمعات هجينة وتختلف اختلافا صارخا....

هذا النوع من الاجترار و العيش على فتات النظريات الميتة هي التي، في اعتقادي، أدت إلي اختيار عنوان الندوة الذي يبدوا عائما وفضفاضا وشموليا، فلماذا نحاول دائما أن نكون عائمين وسطحيين؟ هل هي سجية في اللغة العربية كلغة؟ أم أن لها علاقة بالمنظومة التربوية التي تعلمنا دائما أن نجتر ونتكلم عن الآخرين بدل تناول الذات؟ أم أنه ليس بل مجرد محاباة ثقافة التفكير النمطي...؟
طبعا لا يسعى هذا المقال إلي تحليل العجز ومكان الخلل في العقل العربي وعلاقاته بالمشاكل الذاتية والخاصة بدل السبح في عوالم لا حدود لها.....

على سبيل المثال، أعتقد أنه كان من الأولوية أن يغتنم المنظمون لهذه الندوة القيمة عنونتها ب "دور الإعلام بحوار الثقافة في موريتانيا" لأن ذلك سيسمح لمثقفينا بالتفكير في حلول لسوء التفاهم والتناقض الذي تعيشه ثقافتنا الإسلامية و وهويتنا التاريخية و العلاقات الاجتماعية في وطننا الذي تحاصره المشاكل من كل حدب وصوب.....

أليس من الحري بنا الحديث عن أنفسنا بدل عقد المؤتمرات عن الإعلام العربي وحوار الثقافات في عالم متغير، طبعا أنا أوافق على آخر عنصر من العنوان والذي تم تجاهله تماما ربما بسبب خوف المثقفين من الغيب أو من تناول حقائق تلتصق بالمعيش واليومي والتاريخي والاقتصادي وبالحاضر والمستقبل....

لماذا نريد دائما صيد الطيور في السماء، ونتجاهل التي نرى على الأرض....

Tuesday 8 June 2010

غزة: جدلية الداخل والخارج

هب الشارع الموريتاني كعادته بكل عفوية وسذاجة لنصرة غزة ورفع حزب تواصل صور البطل الهمام والحارس السابق للسفارة الأمريكية في أبوظبي ونسي الشارع الموريتاني أن هناك بطل آخر يستحق الذكر ولو لم يشفع له التملق السياسي في بلاد المليون سياسي....

كان ولد الغلام ومحمد فال ولد بوخوص على متن قافلة الحرية التي كان من الأجدر بها أن تبحر إلي شواطئ الصومال أو حتى أن تأتي إلي موريتانيا لكسر حصار ضرب على آلاف الجياع والمحرومين في بلاد تعود أهلها على القناعة حتى أصبحت قناعا وتملقا وتطاولا على الواقع لتجاوز خارجة الداخل وداخلية الخارج....
في البدء كانت قضية غزة قبل أن تولد والدتي، وولدت أنا وكبرت وترعرعت على وقع لغو كلام عربي و تنديدات من جامعة غربية رأس مالها الإفلاس السياسي و التقهقر الإقليمي مع بعض من مؤشرات التملق والخيانة، ظل حلم تحرير غزة بأيد عربية حبيس مظاهرات في شوارع مغبرة تفتقد في أغلب الأحيان إلي بنية تحتية تليق ببعض الناس المأدلجين و المتظاهرين المدجنين بحقنة من أمل مفقود في دولة لا توفر لمواطنيها الأمل في الحياة....

فكيف نعطي ما لا نملك؟ ولماذا نعتقد أن الكلام والمظاهرات والتنديد والشجب والخطابة الجوفاء يمكن أن ترجع الحق المسلوب؟ ألم نتخلى عن كرامتنا منذ أزيد من 60 سنة ؟ أم أننا شعب أصبح يقتات على وجبات سريعة متعفنة وخطاب إعلامي طبخ بأدنى معايير الجودة في مطاحن صدئة في قناة الجزيرة، الماركة الأولى في إعلام من لا يعرف الإعلام و كل من يطرب لسماع الخطابات القومية والعربية....؟

إن جدلية الداخل والخارج لقضية فلسطين بدأت تختزل في غزة التي لا تتجاوز مساحتها 150 كلم مربع، أزمة الشعب الفلسطيني لم تعد تذكر بل غزة أصبحت فلسطين و أهمل البعد الداخلي لحساب خارجية الداخل...
ظلت الشعارات والخطابات التي تتحدث اليوم عن فلسطين لا تذكر إلا غزة بما في ذلك التقارير العربية و الدولية، لأن حماس قامت بانقلاب على الوحدة والشرعية الفلسطينية عندما وصلت إلي صناديق الاقتراع عن طريق توظيف الخطاب الديني شأنها في ذلك شأن كل الحركات الإسلامية في أغلب دول العالم، الذين يؤمنون بالديمقراطية فقط مرة واحدة عندما يصلون إلي الحكم ثم يعلنون الخلافة إلي الأبد....

قد يسيء البعض فهمي كعادتهم، لكني أخاطب الذين تعلموا أن يتعجبوا ويفكروا ويثيروا التساؤل حول الأشياء الدقيقة التي تساهم في بناء الخطابات الإيديولوجية والعربية، التي أضحت عملة رائجة في المجتمعات العربية عندما قلت ابن عربي والحلاج وتخلت عن المنطق والعقل والرزانة لتغرق في بحر العاطفة و التملق وتقبل الإهانة في عهد الميغا امبريالية و "الذلقراطية" باسم التظاهر بالتضامن مع شعب و إضمار الحقد والشرذمة لآخرين....

أنا طبعا لست ضد الدفاع عن غزة، بل أؤمن بحل عادل يكفل للفلسطينيين المصالحة مع الذات وقبول حقيقة الآخر، أما نحن في موريتانيا فكفاها تملقا و تفرقة وتظاهرا وكلاما لأن جميع العالم لا ينظر إلي الشعوب العربية بصفتها طرفا في المعادلة بل كظواهر لغوية وحسب، وقد بدا هذا واضحا مع دخول تركيا على الخط و سحب البساط من تحت أمراء النفط ورؤساء البؤساء و أئمة المصالح المرسلة و التملق المتواصل....
أعتقد أنه من الأنسب والأجدر بنا العمل على بناء الذات وحجز مكان على متن قافلة الحرية الحقيقية التي ليست فقط مجرد قوافل للشحن يعتليها البعض ليعود بخفي حنين ويمنح لقب بطل الحرية وهو لم يعرف الحرية أبدا في وطنه لكنه يكذب على الآخرين ليصدق كذبته...

إن ما أطالب به هو العودة إلي الداخل و رأب الصدع وحل المشاكل وزرع بذور التنمية وسقيها بماء الاستقرار السياسي و تعليم الأجيال كيف تفخر بالوطن وتربيتها على حب و احترام الذات ليحترمنا الآخر و يحسب لنا ألف حساب بدل العزف على وتر التفرقة وتجرع رحيق الهزيمة والانهزامية في عقر الدار دون الوصول حتى إلي عزة التي نرى في قناة الحريرة. حتى غزة تلك على شاشة الحريرة أجمل ألف مرة من نواكشوط و أكثر جامعات من الجمهورية الإسلامية الموريتانية على الرغم أنهم يعيشون منذ 60 سنة في حرب استطاعوا خلالها القضاء على الأمية والجوع، أما نحن فأصبح الجوع خبزنا والأمية طموحنا و الجهل طريقتنا في تبني الشعارات والتصفيق للسراب وانتظار الطوفان...

Tuesday 1 June 2010

"أحزان فلسطين في ارض سنقيط .... ؟!!"

لم أكن قد عرفت مقر السفارة الفلسطينية في نواكشوط قبل يوم أمس حين لفت انتباهي وأنا أزور محلا لبيع الخزف الإفريقي لشراء هدية لصديق أجنبي، حين وقعت عيني على يافطة كتبت بخط رديء تشير إلا أن الدار القصيرة المتهالكة في قلب العاصمة هي سفارة فلسطين في الجمهورية الإسلامية الموريتانية. كتب على تلك اليافطة وتحت شعار السفارة جملة يبدوا أن كاتبها لم يدخل النظام التعليمي الرسمي أبدا، كانت الجملة كالتالي: "أحزان فلسطين في أرض سنقيط".....

هذه الجملة حملتني معها في خضم كثير من التناقضات والنفاق السياسي و التحولات التي يشهدها العالم الإسلامي والعربي اتجاه قضية فلسطين، حيث لا يخفي أن القضية الفلسطينية كانت ورقة تربح أحيانا وتخسر أحايين أخرى عند الكثير من الدول العربية و تستخدم كتبرير لكثير من تجاهل المشاكل الداخلية التي هي أكثر إلحاحا في نظري من أي قضية إقليمية أو دولية ولو كانت فلسطين، لكن هذه الورقة تم انتزاعها من اللاعبين العرب و بدأ استغلالها من طرف بعض الدول الإسلامية و الأوروبية الأخرى مثل تركيا و اليونان. غير أن تركيا تعتبر الأكثر تحمسا لاستغلال الموقف و الدفاع عنه ولو كان ذلك على حساب الدول العربية التي أثبتت تخلفها ورجعيتها وتدهورها على جميع المستويات الاجتماعية و السياسية والاقتصادية.....

لن أحاول تخصص هذا المقال لتحليل الخطط الإستراتيجية لتركيا من خلال تبني القضية الفلسطينية ا وإن كانت تلك الطموحات تستحق التساؤل والتمحيص، بل سأكتفي فقط في هذه الأسطر بالتلميح إلى التناقض السياسي والشعبي الذي تعيشه القضية الفلسطينية في موريتانيا. وكيف يحاول الإعلام العربي مجسدا في أسوء قناة قومية عرفها التاريخ العربي الحديث وهي قناة الجزيرة الفلسطينية والإخونجية ودورها في سلب وتهميش المواطن العربي من سياقه المحلي لتزرعه بوعي مزيف في كونية مزورة وملفقة يطلق عليها "القضية الفلسطينية"....

أنا أجزم بأن العالم يجب أن يقف مع المظلومين والمهمشين والمحرومين و المحتلين في كل مكان من إقليم التبت و تركمستان وأوزبكستان وسيربيا والفلبين و بيرما إلي الصومال والسودان و اليمن وموريتانيا وفلسطين، بل أنا مع أي قضية عادلة من أجل حقوق جميع الناس الذين يحلمون بالعدالة والحرية والديمقراطية و المساوات، لكن مالا يمكن قبوله هو أن يراد للمواطن العربي أن يؤمن بقضية واحدة ويختزل فيها أبشع صور الحرمان و الضياع و الإحباط التي تلف العالم اليوم من شماله الي جنوبه.....

إن الجملة التي كتبت هناك تعكس مدى الإحباط واليأس والتفنن في تصدير الأحزان والحرمان عبر الحدود، فمن ينظر إلي موريتانيا يجدها أكثر حزن ويأس من فلسطين على الرغم من الهدوء السياسي النسبي و البراكين الاجتماعية الخامدة، فموريتانيا كغيرها من الدول العربية تصطلي على نار هادئة من الفساد السياسي والتخلف الاقتصادي، بينما يراد لجميع الشعوب العربية التخلي عن هذه المسؤوليات الداخلية والوطنية والدفاع عن قضية تجاوزت المشاعر والدين والتعاطف الأعمى لتصبح أيديولوجية يجترها بعض الناس السذج والبسطاء والذين لا يؤمنون بأوطانهم...

فقافلة شريان الحياة أو الحرية التي تحدث اﻵن زوبعة إعلامية لا تستحقها، هي دليل على الإحباط والتشبث بآخر قشة، فالتسمية في حد ذاتها تعكس الاحتضار و الضياع والبحث عن أمل للحياة في قضية أصبحت من البلاغة و اللغة والحديث عنها لا يتجاوز الحنجرة بينما الشعوب الأخرى تتكلم لغة الأفعال. فلماذا نطالب أي دولة أن تسمح لقافلة تحمل معها شتات من الناس أن تدخل أرضها أو تهدد أمنها بأي حجة أو ذريعة، في الوقت الذي إذا حاول شاب عربي أو مسلم من موريتانيا أو الصومال السفر إلي تركيا أو اليونان يرفض ويمنع من التأشيرة.....

من الملاحظ أيضا أن الخطاب الديني دخل على الخط مع الجانب الإعلامي للترويج لقضية فلسطين في سابقة من نوعها، فمثلا شهدنا في موريتانيا الأسبوع الماضي زيارة للعلامة والعالم الجليل يوسف القرضاوي، دعى خلالها إلي الجهاد و توسل فيها بالدعاء لحاكم لا يعرف عنه ما يخول له من الكلام ما قال. أما على المستوى الشعبي، فقد تجلى أن الهدف من وراء الزيارة هو التسول وجمع التبرعات من شعب يحتاج إلي من يتبرع عليه و يساعده.....

ولكن على الرغم من الفقر المدقع و الجفاف والقحط المعرفي والسياسي و الاقتصادي الذي تعاني منه موريتانيا، تبر ع بعض التجار بما يزيد عن مليار من الأوقية، فهذا أحد التجار أعرفه و أعرف خالته التي تسكن في أحياء الصفيح في عرفات تبرع ب 10 ملايين أوقية لأطفال فلسطين وتناسى ألأقرب ثم الأقرب، هناك واحد آخر تبرع ب 5 ملايين وأعلن على الملإ أنه لو كان يملك أكثر لتبرع به....

يبدوا أن الخطاب الديني في موريتانيا بدأ يغازل السياسة وهو الشيء الذي ينذر بكارثة حقيقة تضاف على الحيف والعجز السياسي الذي تتخبط فيه الدولة منذ عقود. فعلى الرغم من التقليدية المفرطة و التعصب الديني وضيق الفكر و التشبث الأعمى ببعض النصوص الدينية دون غيرها، ظلت السياسة والدين متوازيان في الدولة الموريتانية قبل ظهور بعض الذين يسمون تارة بإصلاحيين و أحيانا بأصحاب الصواب ويطلق عليهم البعض الآخر من البعثيين والقوميين "الطراطير".....

هذا النوع من التظاهر بالتدين على حساب الوطنية هو ما يأشر على تحولات سياسية خطيرة في موريتانيا وقوة سياسية موازية تتخذ من قضية فلسطين عاملا و طعما تصطاد به الأغبياء والمعتوهين فكريا والذين ينظرون إلي العالم من زاوية واحدة...

نعم نحن في موريتانيا نرحب بأحزان فلسطين و بمعاناة الصومال وألم العراق و بؤس السودانيين، لكن دون تقديس للقضية الفلسطينية والتلاعب بها كما يسعى لذلك بعض المرتزقة وضحايا قناة الجزيرة التي بدأت في الآونة الأخيرة تتخبط في حبال مصيدة كانت قد نصبتها يوما لنخبة من الصحافة العربية وغلفتها بغطاء قومي و ضمنتها خطابا كريها تعفن و بدأت رائحته تزكم الأنوف......

فلسطين في قلوبنا و مشاعرنا، لكن الوطن يجب أن يسكن عقولنا....

Sunday 30 May 2010

The Odds of Being a Student/Teacher at the UnIvErSiTy of NoUaKcHotT

His name was Sadio Ly, he was a fourth year student when he passed away the eve of the final exam. The following morning when I received the news, which I was not prepared for. I returned from where I stood back home since my mood has been abruptly disturbed and the eagerness to start a new day has become the end of my day. That small piece of news has been recurrent in my mind for many days till I decided to write this article or rather just join few fragments together in form of sentences. I felt a sob blocking my voice midway somewhere between my heart and my mind……

For, in a situation like this where heart is broken and life is replaced by an anticipated death and where the echoes of memories speak louder than any language, any attempt to write will be just nothing but fragmenting and sentencing the self in few scrambled words which might never be able to convey the feeling of pain and sour tears falling apart carrying slices of the shattered self……

The girl spoke to me in a sad but very touching voice, saying that the student who had his shoulder broken died surprisingly one day before the final exam despite the fact he was denied a chance to recapitulate for his mid-term exam that he missed and the administration was not comprehensive for his case as he told me two weeks before his death, when I was examining him for the oral test in Speaking Skills……

That day, I saw a glimpse of hope and despair mingled together in his voice. He was very gentle and approachable, you get influenced whenever you hear him speaking, I recognized that when he was presenting his expose, in the context of my seminar, on ‘The Effects of Early marriage on Polar Community.’

After the girl confirmed to me the death of the young man whom I remembered vividly, she did not know that my heart has been broken and I could not prevent tears from pouring down from my eyes…..

I think when Sadio Ly was complaining about the incomprehensibility of the administration, he was provoking a big issue which many students were victims of the rigidity or narrow-mindedness of teachers. According to my experience, many teachers seem to be punishing and humiliating students instead of educating them and helping them to be more productive and positive citizens…..

My late student was not and he will never be the last victim as long as such policies are adopted by certain teachers who are not able to distinguish between being an educator or producer of the future generation and retaliating or subordinating anybody whom these teachers may have in the limits of their mercy. Many students told me that other teachers shout in their faces and speak to them in a humiliating language ( rubbish, shut-up, sit-down, who are you? and go-out), let alone that these teachers try to prove their superiority only through giving bad grades to the students…..

I remember one day, I had a discussion with one of these so-called teachers. I asked him WHY you always give lower grades to all students regardless to their differences and ability to understand? His reply was a giggle and then he said proudly “because these are still students and students can never get more than a lower grade as far as they do not read. These are not even students…..”

I was really surprised by such stereotypical attitudes that this teacher has about all the students with overgeneralizing. How can a teacher with such ideas help into raising up a reliable generation? Why such people are not given a chance to study about the psychology of students and be aware of what is labeled ‘pedagogy’ which is a key concept in the relationship between the educator and the educated?

I have been trying hard, in vain, to decipher the intricacies beyond the failure of our teachers and students because I was once a student at the university and I knew and still know how many teachers look at themselves as the only legitimate authority to decide for the future and destiny of hundreds of students who are supposed to be imbued and indoctrinated with self-confidence and self-reliance, but these teachers work on killing and marginalizing any students who would show any predisposition…..

It goes without saying that the UnIvErSiTy of NoUaKcHotT is just a prototype of the educational system prevailing in our country which has always been a failure rather than a place where people are to be given suitable chances to be good citizens and challenge the epistemological obstacles that many people can encounter in the long pitiful journey of life towards self-realization…..

In our educational system, there are no objectives or goals for the long-term scale. This absence of any kind of planning is the reason behind the huge gap between the student and the teacher. The students are coming to UnIvErSiTy of NoUaKcHotT as a seeker of knowledge expecting teachers to share with them experience and show them the right path to take, while ironically many teachers have chosen teaching only to avoid joblessness or at the best for prestige. This lack of communication between teachers and students has also meant to be like the discrepancy between the master and the disciple……

Throughout the long period of study at the UnIvErSiTy of NoUaKcHotT, students will never know the objectives for which they are studying and spending their precious time for, let alone to realize the potential talent. Teachers also do not bother themselves with caring about the future and talents of students because many of them look down at students as outcast and childish adults, wasting their time with attending classes at the UnIvErSiTy of NoUaKcHotT. This conviction of many teachers is justifiable since it reflects their impotence to be aware of the responsibility of being up to the task……

This kind of untrustful relationship between students and teachers is a result of the ignorance of many teachers and the further discriminations within the humiliating strategies which teachers adopt whenever they want to emphasize their claimed superiority than all students. Teachers not only humiliate students but rather try, most of the time, to marginalize, mute, or silence other teachers if they look different or aspire to consider students not only as subordinators but also as future leaders of this country……

Elycheikh Bah Ahmedtolba

Friday 28 May 2010

الدراعة" : إشكالية الهوية و الإختلاف "

إذا كان الفكر الإنساني قد استطرد طوال تاريخه السالف التفكير في الأشياء التي تبدو مهمة، نقصد هنا الوجود، الطبيعة وكذا الحقيقة. فإن هذه المساءلة لم تعد مطروحة حاليا، على اعتبار أن هذه الأشياء حسب مينشل فوكو لا تشكل حقيقة، نقصد هنا سؤال القيمة، نحن لسنا هنا بصدد الخوض، في كل تلك السلوكيات أو الممارسات اليومية، التي غالبا ما لا نعيرها اهتماما كبيرا. سوف نحاول مقاربة، هذه الإشكالية العميقة والمركبة بشكل يكشف عمقها الإشكالي، من خلال مقال أو نموذج "الدراعة" باعتبارها تجسد حمولة ثقافية، تقليدية وحتى وجودية. فما هي قيمة "الدراعة" كشيء في ذاته؟ وما هي علاقة هذه "الدراعة" بمن يرتديها؟ والأهم من ذلك، ما هي علاقة الدراعة ومن يرتديها بالمحيط الذي ينطوي تحت علمه هذا الفرد؟ خاصة إذا ما استحضرنا هنا، أن الدراعة توفر فضاءا معرفيا مستقلا عن هذه الثقافة الصناعية التي تنمط الفرد وتستعبده، حيث تقتل داخله روح التلقائية والعبثية، وتجعله كائن صناعيا أي مستهلكا، لا يأخذ مساحة نقدية من نفسه وكذا تمظهراته.....

على كل حال، سوف نحاول الانطلاق من محاولة فهم "الدراعة" كفضاء معرفي وكممكن، على اعتبار، أننا نفكر في الدراعة وفق شروط تاريخية مجتمعية، فكرية معينة. ذلك أنها لم تفكر من قبل بهذه الطريقة، لأنها ببساطة لم تكن مقبولة في الزمن الماضي.....

نحن نعول على قراءة واعية متفاعلة، هي محصلة تقديم الإضافة وجدت لتعكس ممكننا وسياقنا التقليدي، وهنا يبرز سؤال آخر لا يقل أهمية، ألا وهو سؤال الأصالة والمعاصرة؟ علاوة على هذا، كيف تساهم الدراعة في إدماج أو إقصاء الغريب، على اعتبار أن الجماعة تستخدم تقاليدها لتنميط "الغريب" كما بينت ذلك جوليا كريستيفا....

أضف إلى ذلك، كينونة هذه العادة، نقصد هنا "الدراعة" كسلوك يومي وكتداول بين أفراد الجماعة الواحدة، ألا يمكننا أن نشكك هنا في مدى تمثيل هذه الدراعة أو أي سلوك يومي لهوية وخصوصية وفردا نية، وبالتالي وجود هذا الفرد، الذي يتطلع إلى إيجاد موقع له في ظل كل هذه التحولات والتغييرات المتسارعة، على كافة الجبهات، سواء كانت ثقافية، فكرية، اقتصادية...إلخ....

بعد أن حاولنا فهم هذه "الدراعة"، سوف ننتقل إلى محاولة أخرى، تخص إمكانية تفسير هذه الدراعة، وهنا لابد أن نقول، أننا لا نسعى إلى أن نكون يسارا في وجه كل يمين، كما أننا لا نريد أن نكون يمينا في وجه كل يسار. لكننا نهدف إلى إيجاد موقع، يمكننا من رؤية الأشياء كما هي، حيث لا توجد ضبابية. لعل أول سؤال، نصطدم به هو سؤال القيمة أي قيمة الدراعة، وهنا لا بأس أن نستدعي الفيلسوف الألماني الشهير فريدريك نيتشه، الذي يقول في كتابه "إرادة القوة" في الشذرة 493: "إن الحقيقة هي ذلك النوع من الخطأ الذي لا يستطيع نوع معين من الكائنات الحية أن يعيش بدونه. إن قيمة الحياة هي الشيء الحاسم في النهاية"....

لعل نيتشه في هذه الشذرة، كشف بكل وضوح عن رفض حقيقة الأشياء في ذاتها واستبدالها بالقيمة. فهل يمكن، أن نتحدث هنا عن قيمة "للدراعة" تجعلها تشكل هروبا أو تخلصا من هذه الثقافة الصناعية ونبذ لقيم المدنية، التي طغت فيها المنفعة على حساب القيمة. فنقطة التوتر هنا، هي ما مدى وجود قيمة حقيقة لهذا الشيء، الذي هو الدراعة: هل هي فقط مظهر يوحد الجماعة ويستبعد الغريب، أم أنها عقيدة لدى الجماعة، وثابت لا يمكن تجاوزه، على اعتبار تمثيله لخصوصية هذا الفرد وبالتالي خصوصية الجماعة. لاشك أن السؤال الثاني، الذي يخص علاقة هذه "الدراعة" بمن يرتديها أكثر صعوبة من سؤالنا الأول. لعل المدخل الملكي، لهذا التساؤل، هو سؤال آخر لا يقل أهمية يتعلق بهوية هذا الفرد أو ذاك الذي يرتدي هذه الدراعة. فهل هذه الممارسة اليومية، التي أصبحت عادة، هي خطاب يستوعبه الفرد داخليا، أم أنه سؤال يعكس التشتت والتعدد، الذي "يتنافى" مع الهوية، التي تتداول كوحدة، وحال أنها خلاصة، تلك الاختلافات بين أفراد الجماعة الواحدة، ومثال ذلك، هو أن الناس لا يلبسون الدراعة كخطاب بنفس النظرة.....

بصدد هذه العلاقة المركبة أو اللعبة بين الفرد و الدراعة، ألا يمكن أن نتحدث هنا عن دراعة للاختلاف، على اعتبار، أن كثير من الناس الذين يرتدون الدراعة، لا يحملون نفس الأفكار والقناعات. فهذه السلوكيات أو التمثلات اليومية، تعكس رغم أنها "تبدو" مظهرا للوحدة، لكنها داخليا تجسد الاختلاف، بل وحتى التناقض، على اعتبار، أن الجماعة التي ترتدي الدراعة، ليست لها نفس العقلية، تجاه الدراعة، هنا نطرح سؤال آخر، يتعلق بمدى تحليل "الدراعة" كخطاب وكوجود، ألا يمكن اعتبار "الدراعة" استعبادا أو إيديولوجية فرضت على فئة من الناس، بسبب أنهم ولدوا، داخل جماعة تعتقد بالدراعة وتعتبرها جزء لا يتجزأ من وجودها. لكن هذا اليسار، يرى في هذه الدراعة، تنميطا كما يرى البعض الآخر في الثقافة الصناعة تنميطا. نحن هنا في متاهة أو مفارقة، هي الكل والجزء. فالأول يخص الهوية التي تمثل حقيقة هذه الجماعة أو تلك. والثاني يتعلق "بالدراعة كتمثيل" لهوية الهوية....

علاوة على ما سبق قوله، هناك مساءلة أخرى، أكثر عمقا، تخص هذه المرة علاقة الدراعة كتمثل والفرد الذي يرتديها بالمحيط الذي يعيش فيها: هل هي علاقة اتصال أم علاقة انفصال. لكننا بالتالي، سوف نعود إلى لعبة الكل والجزء، أي إلى التنميط عند البعض والهوية عن البعض الآخر. لكن ألا يمكن أن نتساءل أن دور الأحكام المسبقة، التي تعطى لكل من يفعل سلوك معين أو لباس معين. فمن يرتدي الدراعة مثلا، يعكس ثقافة البادية، حيث الكرم والجود والصدق. لكننا نجد أناسا لا علاقة لهم بهذه القيم السالفة الذكر. هذه المساءلة، تجرنا إلى ما مدى حضور المثقف الذي يرتدي الدراعة أو أي زي تقليدي، منه لا يفكر بعقلية العوام. لكنه يكون مرغما على ارتداء هذه الدراعة، حتى يقدم ولاءه وطاعته لهذه الجماعة....

إذا كانت "الدراعة" كخطاب يمثل "هوية" و"خصوصية" هذه الجماعة، التي ينتمي إليها، هذا الفرد، فإن هذه "الهوية"، التي تدعى الجماعة، إنها متطابقة وواضحة فيه نظر ذلك أننا نجد داخل هذه "الوحدة" اختلافات وتباينات لا يمكن تذويبها بأي حال من الأحوال....

ومما لاشك فيه، أننا نحاول "تحليل" أو"كتابة" هذه "الدراعة" بطريقة لم يسبق أن كتبت بها، على اعتبار، اختلاف الشروط التاريخية، الثقافية وحتى السياسية، التي تملي علينا "تحليلا" أي تحليلا يولد من كتابة تجد صدى لها في هذا الموروث الثقافي الغني أو هذا التراث، الذي يجتاح، إلى قراءة جديدة ومتجددة، تكشف، عن كل المكبوتات والأشياء، التي لم تكن موضع سؤال، لأنها ببساطة، كانت تعتبر من "البديهيات" التي لا يجوز نقاشها.

فهذه العادات، التي تمارس يوميا، يمكن أ، نتساءل هنا عن مدى إيمان الفرد، الذي يمارسها. هل هو فقط يقلد "الجماعة" التي تنمطه، أم أنه يمارسها عن قناعة وتشبع. على كل حال، في أي عادة، ولعلنا هنا بصدد "الدراعة"، لا يمكن الحسم في هذا الطرح، على اعتبار، اختلاف وتعدد وتكثر، هذه الرؤى والقناعات، لكن يمكننا، أن نقتسم مع الآخرين قناعاتهم حول هذه "الدراعة"، دون أن نكون مجبرين على الاعتقاد بحقيقة هذه العادة أو تلك. هكذا إذن، تتضح بجلاء، صعوبة القول في هذه العادات اليومية، التي تعلقت بمن يزاولونها حتى أصبحت جزء لا يتجزأ منهم، فهم يرون أنفسهم فيها وفي من يمارسها من جنسهم.....

بعد هذه السيرورة، التي قادتنا إلى مساءلة مهمة تخص عادة من العادات اليومية، التي غالبا ما لا نعيرها أي اهتمام، نقصد هنا "الدراعة"، فقد حاولنا مقاربة، هذه الإشكالية انطلاقا من التساؤل عن قيمة "الدراعة" في ذاتها، وكذا عن علاقتها بمن يرتديها، علاوة على هذا، تساءلنا عن طبيعة العلاقة بين الدراعة وصاحبها من جهة، والمجتمع، المحيط الذي يعيش فيه الفرد من جهة ثانية. وما يمكن التأكيد عليه، هو أن هذه المساءلة تقودنا إلى مساءلة أعمق تخص مفهوم الهوية.....

فهل يمكن اعتبار هذه الهوية "إيديولوجيا"؟ وإن كان ذلك صحيح، فما هو حضور هذه الإيديولوجيا في قناعاتنا وثقافتنا؟ وإلى أي حد يمكن أن نعتبر هذه الهوية تأسيسا لقيمة الاختلاف بدل

Tuesday 25 May 2010

نواكشوط...... عاصمة للثقافة والتراث 200111

اعل الشيخ احمد الطلبة

في الوقت الذي يحاول فيه البعض تجاهل الواقع و أكل المال العام من خلال تمويل مشروع أو مبادرة "نواكشوط عاصمة للثقافة 2011 "، تجرف سيول الصرف الصحي و الروائح الكريهة قلب العاصمة، أكثر منطقة حركية و نشاطا في نواكشوط، عاصمة القمامات والروائح الكريهة. أليس حريا بهؤلاء الناس الذين يحاولون إقناع العالم بالزيف و تغليف الواقع بقناع الرشوة والغلول أن يهبطوا لأدنى مستويات المواطنة والعمل على نظافة وتحسين الوجه الكريه والمشوه لنواكشوط التي لا يمكنها بأي حال وهي بهذه الحالة المزرية أن تكون حتى عاصمة لموريتانيا؟ أم أننا لا نشعر بالهموم الداخلية للبلد إلا في حدود خداع الآخر وتضليله وتزييف
الحقائق....؟

إن مشروع نواكشوط عاصمة للتراث أو الثقافة هو واحد من المشاريع الكثيرة التي لا تعدوا كونها حبر على ورق أولا ثم مبالغ طائلة من العملة الصعبة في جيوب ثلة من المرتشيين الذين لا يشبعون ولا يقنعون، هي مبادرة خصصت لها الحكومة مبالغ طائلة و كوادر بشرية يقال إنهم من نخبة هذا البلد الذي أثبت فيه التاريخ أن العدو اللدود لمصلحته هو أبناؤه الذين يبيعونه في المزاد ألف مرة ومرة و يسوقونه مثل أي بضاعة رخيصة في سوق نخاسة سوداء دون ادني كرامة أو مسؤولية... ثم يعاد تعيين هؤلاء الثلة وتمكينهم كلما رحل أو ارتحل، حضر أو غاب، جاء أو ذهب رئيس أو وزير....

من المعلوم أن نواكشوط مرشحة لهذه المبادرة بمعية مدينة تافيلالت المغربية، و بحكم معرفتي للمدينتين، يمكن أن أجزم أن المقارنة غير واردة أبدا بين المدينة الواقعة في الجنوب الشرقي من المملكة المغربية و نواكشوط عاصمة دولة بأكملها....

في الولاية المغربية هناك بنية تحتية متكاملة و صرف صحي و مياه وكهرباء و طرق سريعة وأخرى وطنية جميلة ومدينة عالمية للسينما وحمامات رملية طبيعية يحج إليها العرب والغربيون من كل أنحاء العالم، بالإضافة إلي واحات النخيل الوارفة، وأكثر من كل ذلك هناك أمل يعلوا ابتسامة على وجه كل مواطن ربما يكون نابعا من ثقته في المستقبل أو رضاه عن ما تحقق في الماضي.....

بينما عندنا في نواكشوط الشوارع غير معبدة و نادرا ما تكتشف فجأة أنه كان هناك طريق أسود في يوم من الأيام قبل أن يندثر و يندرس تحت الرمال العاصفة التي تملؤ أعين الناس قبل الطريق....

كل شهر في عاصمتنا نشهد فيضانات تنبع من تحت الشوارع في قلب العاصمة منذرة بأن الصرف الصحي دفن تحت الأرض منذ أيام الاستقلال الأولى حيث كان سكان مدينة نواكشوط 250 نسمة أو أقل. هذا بالإضافة إلي أنه في عاصمتنا لا توجد أي حديقة عمومية ولا منتزه و لا أي مكان للترفيه يسمح للعائلات بالخروج من زنزانة المنزل والتخلص من ربقة الروتين الخانق، زيادة على كل هذا عندنا حمرة تعلوا الوجوه المشوية من لهيب الشمس الحارقة التي رسمت مع غبار المدينة ملامح الكآبة و الضياع العميقين على جبين كل مواطن موريتاني رغم محاولة البعض منا رسم ابتسامة تنم عن تجاهل الواقع أو عدم الانتماء للطبقات العامية.....

أعتقد انه من الأفضل أن نخصص هذه الأموال التي منحت للمشروع لتغطية أسفار البعض من المشرفين عليه وأجورهم العالية و الميزانية الضخمة أن تستثمر في إنشاء فضاءات خضراء عامة و القيام بقوافل تحسيسية للمواطن حول الحفاظ على البيئة و توعية الأطفال حول النظافة و دعوة جميع البلديات إلي التنافس في توفير البني التحتية المنشودة في كل بلدية بدل تجاهل المواطن العادي ومماطلته لأكثر من أسبوع فقط من أجل الحصول على مستخرج من شهادة الميلاد....

لابد أن نكون صريحين مع الذات والوطن ونخاف بطش التاريخ ونحاول مصالحة الجغرافيا، فالأجيال القادمة لن ترحم من لا يقوم بواجبة وستفضح كل من تقاعس عن القيام بمسؤوليته اتجاه هذا الوطن الغريق الذي يستغيث لتخليصه من براثن ثلة من العجزة والشيوخ الذين يستنزفون خيراته ويبيعونه لكل السماسرة و المتسولين.....

لابد أن نقول حقيقة واحدة مفادها أن نواكشوط كشبه عاصمة لا تنافس حتى دارفور لا من حيث الثقافة ولا من حيث الصمود و تضحية أبنائها فما بالك بالتشارك مع مدينة متطورة في ظل مملكة عريقة تنعم بالاستقرار والرفاه منذ أكثر من 12 قرنا في ظل ملوك ضحوا بالغالي والنفيس من أجل شعب من أكثر الشعوب تقدما وولاء وازدهارا و تطورا في منطقي المغرب العربي جميعا....

أرجوا أن نتعلم معنى الوطنية والمواطنة بدل التظاهر وتضليل المواطنين الأبرياء والسذج. أتمنى أن نضحي من أجل بناء وطننا و انتشاله من مستنقع الضياع و التدهور لعله ينافس على أحسن و أجمل عاصمة في العالم في عام 200111 بدل 2011....

Facebook; Elycheikh Bah Ahmedtolba

Sunday 23 May 2010

PAST AND FUTURE: AN OLD MAN BEGGING IN NKTT STREETS

This early morning while going to work my attention was disrupted by a scene which seemed to me unprecedented in Mauritania, a country which has been known for its social and economical mutuality…..

In my mind sprung the question: why such scenes have become common and disseminated wherever we head, despite the fact that we are few people living on a huge and immance surface? How some people cannot afford a shelter where they can sleep in peace and tranquility? Is it a strategic policy in our society nowadays that the stronger strips the weaker out of his dignity….?

It was really a painful scene: an old man roaming around the streets and digging up a hole where to bury (or seem to do so) himself alive on the edge of one of the biggest street of Nouakchott . I felt a strong desire to ask the old man a question “How did you become less than a beggar?”

Then the answer came silently that it is because beggars have homes and friends and many of them are young, they can find or change their minds when they grow up and see more opportunities opening up before their eyes or looming in the faraway distant world since they are lost at home. …..

But how can an old man who was born a man could get marginalized to the extent of becoming an outcast old man in the violent see of life? How can this old man accept to lay dying in a complete silence in a society which pretend to help but it kills and humiliates….

For me, to see an old man forgotten between his past and the enigmatic future is to feel how the whole country is collapsing and dwindling to reach the unknown with unsteady steps. For to be on aboard of floating boat in the mid of the ocean is to be nowhere between safety and loss, or despair and hope……

These kind of everyday scenes has been growing up dramatically in the narrow, dirty, and psychologically suffocating streets of Nouakchott; many people have been forced to go out to streets and beg from beggars because or the unprecedented upheveal changes that are taking places deeply within the social, political, and economical tissues of our injured society. When I saw the old man trying to comfort himself within nowhere and all kinds of sorrow and pain have left their scars on his face for a long time shrinking and falling apart under the unpleasant and heavy weight of being alive and dead at the same time…..

I know very well that homeless people are not only in Mauritania, but rather they are different here. They reflect something which doesn’t exist and never existed but in this land……

This man seemed to me if he is no longer chasing hope in the future and he is also escaping his ruins of memory in past….

Saturday 22 May 2010

عندما يكتبني وطني....

اعل الشيخ ولد أحمد الطلبة

مواطنون كلنا لكننا بلا وطن
ممتهنون كلنا لكننا بلا مهن
محنطون غارقون في توابيت الزمن
وكلما مرت محن
كانت دماؤنا الثمن
ثم حمدنا الله أنها أخف من محن
امباركة بنت البراء "مواطنون من العالم الثالث"، ديوان "أغنية لبلادي" 1991


تعتبر كتابة و تدوين الخواطر والآراء والهواجس التي يجد الإنسان نفسه مضطرا للبوح والإعتراف بها في لحظة من الصراحة و الدرد شة الجادة مع الذات هروبا من تناقضات الواقع والسفر على اجنحة التخييل لخلق عوالم تمتزج فيها الحقيقة مع التصور والرغبة. رغبة تتجلى في لحظات انكشاف وجداني للكاتب عندما يزيح رداء الخيال عن وجه الحقيقة لتتعرى في شكل اسطر يقرؤها البعض ليحكم عليها بالقبول او الرفض. اذن فالكتابة هي ذلك البون الضئيل بين التخييل والتجربة.

من خلال هذه الخاطرة السياسية سوف اترك الكتابة تعبر عني و اترك الحوار الصامت يتحول الى كلمات تتبعثر اشلاء لعلها توصل صراخ قلب مبحوح يبكي كل يوم مرات ومرات على واقع وطني الذي كل ما ابتعدت عنه شعرت به يجتاحني من الداخل و مستقبل لم ترتسم معالمه. كلما حاولت ان أرسم وطني توحدت كل الألوان في لون واحد ...لون قاتم و داكن و تفوح منه راحة نتنة تزكم انفي فأترك الريشة والطاولة والحبر والأوراق والأ قلام واهرب الى ذاتي خوفا منها عليها .

وطني ليس كسائر الأوطان فهو لايخضع لقاعدة الإنتماء و التجذر...
وطني يسكنني كلما حاولت ان ابتعد عنه.. يكتبني بعبارات لاافهمها ورموز لااستطيع تفكيكها..
عندما ارجع اليه لا اجد نفسي ولا اجد الا تلك الأشباح الملثمة التي تظهر مع كل شمس و تتتحول في الليل الى خفافيش تمتص دمائي..


كم هو وحشي وعبثي وطني عندما اسكنه وما اجمله عندما يسكنني خارج الحدود الجغرافية و كتب التاريخ المزيفة...

اشتاق لوطني شوق الضحية الى جلادها وشوق شاة العيد الى الذبح...فأنا اموت وانتحر كل يوم الف مرة ومرة من اجل وطني ...
وطني اشبه مايكون بأورام من الدخان تتعالى في شكل سحب كل يوم لتحجب رؤيتي ..تتكاثر في شكل جدار عازل بيني وبين وطني المكلوم و السجين في دوامة من العبثية السيزيفية ولكن الصخرة لاتتحرك من مكانها جاثمة على صدر وطني....

سمعت و قرأت و فكرت في الطريقة التي يتصور و يشعر بها ؤلائك المحرومين و المنفيون والمهمشون، سواءا على ارضهم او خارجها، اوطانهم...هل يكتبونها ام انهم يقرؤنها مباشرة من صفحات الذاكرة
هل كل ؤلائك مثلي يشعرون بالحزن والتيه والضياع والتشتت ...؟؟
هل حرقت نار الطبقية والظلم والحثالة اوطانهم مثلي..؟ ام انني انا وحدي من يحمل هذا القلق الأزلي في داخله...

قلقي على وطني اكبر من وطني.. اكبر مني ومنه ومن كل الأحلام والرؤى و الأساطير والكتابات...اكبر من الخيال ومن الحقيقة…

فالحقيقة والخيال كلاهما يميل الى التعريف وتمكن الكتابة عنهما... اما وطني فهو الكاتب والقارئ و هو الأوراق والحبر وهو الصوت والصمت وهو العقل في لحظة الجنون و هو الجنون المتعقل...
وطني كل التقاضات تعيش فيه وتتجانس مع بعضها البعض و كانها عزف لسنفونية من انامل بيتهوفن او العازف الكندي غلين غولد.....

***

نسافر عبر المسافات والأمكنة والزمان و يظل الوطن واحدا لايتغير بداخلنا.... نلجؤ اليه كلما نشعر بضيق المكان فيمدنا بفضاء يكفي، على الأقل، للتمتع باستعادة الذكريات والعيش فيها ولو لفرة قصيرة…
كم جميل ان يمتزج التذكر والحنين والخوف على وطني الذي يهرب مني كلما اردت البوح له بخوفي عليه من الغرباء الذين يتظاهرون بالإخلاص له...ؤلائك الذين دائما يلعبون بالنار في وسط زخم اعلامي يغطي ويتستر على العابهم البهلاوانية..

انهم يظهرون احيانا في زي العسكر و احيانا يلبسون البذل التي تبدوا عليهم و كأنها ملابس غجرية و كأنهم زعماء لجوق من الغجر المعروفين بالخداع والكذب و الترحال والنصب والإحتيال....
وطني اسمعه يبكي بصمت كل ليلة ويناجي نفسه في سكون الليل و كأنه يناديني و لكن صوته لايصل الى ابنائه المحروميين و المستغليين لأن اسوار المنازل الفخمة والقصور و ضوضاء الجوقة الغجرية تحجب الصوت و تممر زغاريد وأناشيد تمجد اللصوص و تنادي بقتل البسطاء...

***

الوطن قد يكون مجرد حلم نجسده في كذبة لا نريد ها أن تخضع لمقاييس (ال)حقيقة و الكذب، نتصور الوطن بداخلها و بأنه موجود و له حدود في المكان والزمان وله ثقافة وهوية، لكننا قد نجزم بأن ذات الوطن مجرد استثناء لكل المقاييس. و الشعور بالضياع في وطني المفترض في الواقع اشد وطأة على النفس من التيه في استثناءات تشكل وطني...

وطني استثناء من حيث المكان والزمان و التاريخ والجغرافيا...

Removing the social masks: marriage/divorce in Mauritania

Marriage and divorce in Mauritania seem to be almost the same. Sometimes, marriage is the only way towards divorce, while the latter is to be the first step for any woman into being desired and requested for extra marriages. In contrast to the customs and traditions of marriage and divorce everywhere, in Mauritania the divorced woman is much more wanted than the never-married one. This fact is a result of the social absurdity and the absence of any social order, since the word 'order,' for the people of desert, represents restrictions and inability to move and decide freely upon everyone's public as well as private life.

Although, marriage and divorce in Mauritania are the most convenient cultural manifestations or practices through which the social masks are to be removed or at least questioned in an attempt to reveal the real face of our society; a face that has been dissimulated, hidden behind some faked masks. I think it is time to reconsider and reshape our social faces, making sure that the image is to be correctly reflected and projected.

The aim of this article is to touch upon the discrepancy between marriage and divorce as cultural or social enterprises on the one hand and to bring up a new understanding of these concepts in the light of different reading of the social dimension of marriage and divorce in a country of exceptions. Mauritania is an exception to the common rules in almost everything. It is an exception in terms of geography, history, and culture; this fact of being an exception that does not necessarily make the rules but very often breaks it down.

Mauritanian society seems to confuse between happiness and sadness, between respect and humiliation, between marriage and divorce. This confusion is extended even to include the everyday life strategies and tactics. The social terminology is reversed and the world is correct only if it is wrong.

In marriage, for instance, the bride does not only get herself wrapped within a black piece of cloth, covering all her body, but she should also to act as if to be upset and annoyed. She is not given any chance to smile or to see what is going on around her, let alone to take a part in the celebration. She is to be imprisoned into the limits of her faked mask of her oblivion.

This sense of oblivion that the woman as well as the man are being indoctrinated and imbued with is an not outcome of certain outdated traditions and customs inherited from dark ages where some ancestors used to play it, it is, above all, a logical sign of the social masks that women and men are wearing to hide their real faces from each other.

Not only women are born with a social mask, married with, and sometimes to die with, men also have got their own masks wearing them whenever it comes to shrinking from their responsibilities and duties towards the in-laws. Men cover their faces to conceal their identities, preferring to live as unknown or unidentified in a world of strangers. How can we dare to build up family ties while we do not even know each other? How to claim that there would be any kind of confidence between a woman who is taught from childhood to pretend as oddly different and a man who does not know what he wants?

Lack of communication is the prevailing atmosphere in which marriage is inevitably turned into divorce and divorce, of course, leads to another experience of being a failure.

What is sarcastic and ironic about understanding or even trying to think out the intricacies between marriage and divorce in a traditional society like ours is that we look at marriage as only temporary project in which a woman is always a guest and the man just a passer-by. In marriage enterprise, there is nothing certain, everything is possible even to use disrespect and humiliation in a disguise of respect and love; concepts and terms are themselves being faked, corrupted, and empty of any meaning.

The social mask of marriage is used also in divorce. Divorce is a curse everywhere and a symptom of failing and loss. In Mauritania, it is a sign of successfulness and marking a new beginning of the divorced woman's life, while it is supposed to be an end.

If the woman pretends to be depressing and upset in marriage in order to conceal her reality and deny her heart the right to beat and flag, in divorce she pretends to be excited and happy within a forged and faked ecstasy.

Being happy with her divorce and celebrating it among her family is an attempt to consolidate herself and announce to potential victims of men who may be interested into embarking upon a new endless adventure. It is time to say that marriage and divorce are just like many Mauritanian cultural practices, social masks are to be manufactured and shaped according to each occasion. Life is different mask to be put on different occasions, this is how to live.

This misunderstanding between men and women in marriage and divorce cast its shadows on many other aspects of life. It is the reason behind the weaknesses and incongruities that the Mauritanian family is suffering from; the pitfalls of building up a coherent family which would be a nuclear entity of a good society are obvious in increasing rates of divorce and the decreasing of marriage.

Another factor which is still affecting the Mauritanian family is the absence of any kind of privacy in marriage or divorce life. It is common to gossip only about others, gossiping has become one of the social characteristics of our community through which the private life becomes mutual public issue.

The most imperative thing we need to do is being aware of the fact that the social masks or traditional customs are not sacred or immune, they are not above criticism; we can change traditions or even replace them by new rules that would be much fitting to our modern life. It is not normal to live in the 21st century according to the mentalities of our fathers or mothers; we cannot use computers while we think the same way as a rider of a camel in the plain desert.

I believe that each generation has the absolute right to make their life in tandem with their aspirations and style; a lifestyle which should not only be limited to clothing, music, and language, but rather to include the politics of marriage and divorce.

In a nutshell, marriage and divorce in Mauritania have become overused social masks that need to be taken off by means of assuming the responsibility to help men and women understand each others and see themselves without social masks, to see the reality. It is needless to say that if we succeed in changing some of the backward mentalities, we will be able to erect and establish a better life, living in the light of modernity instead of the darkness of traditions. Not all traditions are to be violated and refuted, but not all of customs should be praised and taken for grant.


* Elycheikh Ahmedtolba, University Professor, Nouakchott

--****---

This article was genuinely published in Peace Newspaper on Sunday, 7th....

تزوج موريتانية وأربح...

أعل الشيخ أحمد الطلبة

في المساء كعادتي كنت جالسا أمام شاشة الحاسوب منهمكا في تكميل فصل من أقسام أطروحتي للدكتوراه عندما رن هاتفي المحمول. كانت الرنة توحي بالتوصل برسالة قصيرة. كعادتي لم أنتبه لها لأني تعودت عل الرسائل الإشهارية التي تصل دائما من طرف شركات الاتصالات، خصوصا أني لم أكن في أرض الوطن، حيث أعتدت مع قلائل من الأصدقاء تبادل الرسائل القصيرة كوسيلة متحضرة للتواصل بدل لغو الكلام الذي أصبح السمة الرسمية للهاتف المحمول هناك.
الرسالة القصيرة كانت من صديق في موريتانيا وتحمل معها رذاذ من رائحة الأحبة. رغم قصرها تحمل من المعاني مالا يمكن لمقال أن يحتويه أو يعالجه. مع ذلك، فحسبي أن أحاول في هذه الأسطر القليلة وضع هذه الرسالة القصيرة جدا في سياقها الاجتماعي والثقافي، أعني بالثقافة هنا تلك التراكمات و السمات المميزة لمجتمع البيظان و التي تساهم في بناء الوعي الجمعي والذاكرة الجماعية و الإطار العام للتفكير والتصور، أي أني أحاول فهمها في سياق الثقافة الشعبية. طبعا الثقافة الشعبية لا تعني الثورة عل الثقافة النخبوية قلبا وقالبا، بل هي محاولة لجسر الهوة بين ما هو شعبي و ما هو نخبوي. بعبارة الأخرى، هي التفكير في العامية بأسلوب نخبوي. كانت الرسالة كالتالي:


"تزوج موريتانية وأربح: هم وغم وثقل دم وكلام سم... وآخرها ضغط وسكر و فقر دم."

من أجل فهم هذا التصور أو الصورة النمطية عن المرأة في موريتانيا، لا بد باقتضاب من مقارنة المرأة الموريتانية مع النساء الأخريات من بعض الدول المجاورة. لإجراء هذه المقارنة قد ألجؤ إلي التعميم وذالك لأني لا أتوفر على دراية معمقة حول جميع الدول ووضعية النساء فيها، مع أني أعرف الكثير عن النساء في دول المغرب العربي بحكم التجربة والعيش في بعض هذه الدول. فمثلا المرأة في المغرب أضحت انهزامية لدرجة التخلي عن كرامتها مقابل استمرار عقد الزواج، بينما المرأة في تونس لا تبحث أصلا عن الزواج لأنها تعلمت أن تكون رجلا في ثياب امرأة تحت ظروف ضغط التقدم والمدنية والثقافة الصناعية، أما في الجزائر فالمرأة أصبحت في أغلب الأحوال الآمر والناهي و تحول الرجل إلي معيل في ظل انعدام وشائج الحب والاحترام والسكينة التي هي الهدف الأساس من الزواج.

من جهة أخرى، فالمرأة الإفريقية كانت، أو أصبحت، سلعة يحق للرجل أن يمتلكها بعقد يطلق عليه الزواج يخول للرجل تربية أربع نساء مدجنات في منزل واحد وتحت سقف واحد. ففي السنغال مثلا يزيد احترام الرجل بعدد زيجاته، تماما كما تزيد قيمة المرأة عندنا بعدد طلقاتها. فالمطلقة مرغوبة في مجتمعنا أكثر من البكر و هي الظاهرة التي تحير كل من حاول مقارنة المرأة الموريتانية بنظيراتها. أيضا لابد من الإشارة إلي أن المسؤول الأول والأخير عن التناقضات والتقابلات لوضعية المرأة الاجتماعية في موريتانيا هو الرجل.

الرجل في مجتمعنا بالغ في احترام المرأة إلي حد التهميش و حملها من المسؤولية أكثر مما أصبح بإمكانه أن يفهم أو يستوعب فحكم عليها أن تعيش في فضاء شاسع بين الرغبة والغموض. المرأة الموريتانية لازالت تعتبر الرجل المسؤول عن توفير الرفاه و البذخ و السخاء و الكد. هذه الصورة التقليدية للرجل ظلت عالقة في أذهان النساء منذ عصر البداوة و الترحال حيث كان العمل كله شاق ويحتاج لعضلات الرجل من سقاية و نصب للخيام و ذبح وعقر و رعي ... كل هذا سمح للمرأة أن تتفرغ للثرثرة و بناء الشائعات.

لم تستطع المرأة الموريتانية بعد أن تكيف نفسها مع إكراهات ومتطلبات المدينة الحديثة. لاشيء في المدينة يحتاج لجهد الرجل بل إن المدينة فضاء مناسب لتميز المرأة أكثر من الرجل و هذا ما تثبته بعض الإحصائيات في الدول العربية و هو ما وفر للمرأة أيضا عندنا في موريتانيا تقلد المناصب بل وتخصيص حصة ثابتة لها.

طبعا لا أريد التعميم في خطابي أو قراءتي لرسالة صديقي، ولكن حسبي فقط أن أثير بعض التساؤلات حول الأسباب والدوافع الموضوعية والفعلية التي أدت إلي انعدام التواصل بين الرجل والمرأة و الأسس الاجتماعية التي بنيت عليها هذه الأحكام الجزافية والسطحية حول المرأة والرجل في علاقتهما داخل مجتمع تقليدي كمجتمعنا: هل لأن التغير في نمط العيش جاء بعلاقة جديدة ذات طبيعة خاصة ؟ أم أن الرجل ظل ينظر إلي المرأة "كقطعة أثاث" و ظلت هي تحاول أن تبرهن على "إنسانيتها"؟ هل من الطبيعي أن لا تتغير عقلية المرأة و يتغير الرجل كذلك في عالم يتسم بالتغير؟

أنا على يقين أن صديقي عندما كتب هذه الرسالة كان في تلك اللحظة يتقمص شخصية الرجل التقليدي البيظاني الذي تعود أن يطلق زوجته هروبا من الواقع. الواقع الذي لن يتغير ولو تزوج ألف مرة وطلق ألف مرة لأن كل شخص له مشاكل و أحلام و طموحات و تصورات سواء كان هذا الشخص امرأة أم رجلا. الرجل يطلق بحجة أن المرأة تطلب أكثر مما تستحق أو لأنها طموحة أكثر من اللازم أو لمجرد أنها تفكر و تفهم بنفس الطريقة التي يفكر فيها هو. حينئذ يطلقها هروبا منها أو من ذاته في رحلة بحث عن أخرى يكفيها أن تتزوج لتدخل عالم الرغبة. رحلة الرجل هذه السيزيفية أو العبثية هي ما جعل من الطلاق سلعة رائجة في "سوق النخاسة" الاجتماعية الذي نطلق عليه مجازا " الزواج".

لا أريد تحميل كل المسؤولية للرجل و تبرئة المرأة بقدر ما أطمح إلي تجريد ذاتي من التمسك بالنظرة الذكورية المتعالية للرجل و في نفس الوقت هدم البناء المتخيل لنسائية المرأة المتغطرسة - feminism-.

من بين الروافد الاجتماعية المتعددة التي ساهمت في ترسيخ هذا التصور عن المرأة و الرجل في مجتمع البيظان تلك العلاقة الشائكة التي ظلت تربط البنت بالأم؛ البنت، التي هي امرأة بالطبيعة، تظل نتاج إن لم نقل صورة كربونية من الأم بغض النظر عن الظرفية الاجتماعية و السياسية والاقتصادية والفكرية التي اكتنفت ولادة ونشأة البنت التي من المفروض أن تكتسب هوية وشخصية خاصة بها في ظل كل هذه المتغيرات. غير أنها ظلت سجينة لأفكار و قوالب وحيل الأم التقليدية التي يسكن شبحها جسم وكيان البنت. فهل من المعقول أن تعيش المرأة في عالم اليوم بعقلية القرن الماضي؟ الإنسان ابن بيئته. هذه الأطروحة يفندها الواقع المعيش في مجتمعنا حيث الرجل يركب أفخم السيارات بعقلية راكب الجمل.

إذن، فالضحية هنا هي المرأة و الرجل على حد سواء. فالزواج في ظروف كهذه يتحول من رباط مقدس يسعى للمحافظة على استمرارية وتماسك المجتمع إلي حرب بالوكالة تتحمل فيها الأم واجب تزويد بنتها بالأسلحة بينما يتخلى أهل الرجل عنه و توجيه اللوم له لأنه تغير. هذه الحرب الشرسة مع أشباح من التقاليد والعادات البائدة ظلت تتحكم في المنظومة الاجتماعية و تترك بصماتها على الحياة اليومية في شكل سحابة من الهم والغم يعاني منها الرجل فيتخلص منها إما بالعزوف عن الزواج أو بالطلاق، وتسعى المرأة لتجاوزها بلبس قناع مزيف من البساطة المعقدة والزواج من أي رجل كان.

إن تقويم وتصحيح الوضع الاجتماعي ضروري لبناء و تحديث أي مجتمع لاسيما إذا كان في نقطة تحول ومنعرج سياسي و ثقافي انزلاقي. ذلك أن مجرد التفكير في الأشياء البسيطة في الحياة هو ما يجعلها مهمة و تستحق التضحية، فالعلاقة بين المرأة والرجل في مجتمع البيظان مرت بمراحل من التبسيط الذي تحول إلي عبثية اجتماعية يعاني منها المجتمع ككيان واحد و تؤثر على بعض أفراد المجتمع الساعين إلي العيش بنظام وسعادة ومودة وسكينة في إطار اجتماعي سليم.
كذلك عندما قرأت رسالة صديقي انتابني ذلك الشعور بالتساؤل الذي يحاول مساءلة السؤال نفسه و تحويل الجواب إلي سؤال، لأن الأجوبة قد تتعدد حسب الفهم والتأويل لكن السؤال يظل طرحه من أجل التفكير و التمحيص وبالتالي التغيير. فالتساؤل عن أهمية التقاليد و العادات و ضرورة فهمها هو سؤال عن إكراهات المرحلة. و التساؤل عن طبيعة العلاقة بين المرأة والرجل في مجتمعنا التقليدي هو، قبل كل شيء، محاولة لتفكيك الصور النمطية- stéréotype- و نزع للأقنعة المزيفة لتظهر الأشياء كما هي. فالأشياء تصبح أكثر تعقيد كلما فكرنا فيها وتصبح أكثر بساطة عند نفهمها.