Friday 11 June 2010

موريتانيا... الإعلام وحوار الثقافات أم حوار الثقافة و دور الإعلام

ليلة البارحة يوم الخميس 10-06- 2010 وفي حضور نخبة من المفكرين الموريتانيين: صحفيين ووزراء سابقين للإعلام و أساتذة جامعيين وبعض الضيوف الأجانب، بدأ ت الجلسة التي انعقدت في فندق الخيمة تحت شعار "الإعلام العربي وحوار الثقافات في عالم متغير" بإشراف من مركز أمجاد للثقافة والإعلام….

تمحورت المداخلات بشكل يكاد يكون منسقا أن حوار الثقافات يشكل معضلة وأن الإعلام في الوطن العربي يشهد تضخما أو طفرة فوضوية أو نهضة، حاول المشاركون إثارة بعض التساؤلات حول الخطاب الإعلامي وإشكالية حوار الثقافات في عالم متغير.....

لكن الغريب في الأمر أنه لم يحاول أي واحد من هؤلاء الحضور والمشاركين والنخبة المثقفة التشكيك في حوار الثقافات و تجاوز أطروحة صدام الحضارات، بل إن الكثير منهم أحيى شجون الصراع التقليدي و الخلاف الأزلي بين الذات والآخر الذي طالما وقف حاجزا سميكا يمنع الذات العربية الخروج من البوتقة و القمقم الذي سقطت فيه بسبب تضخم الذات و التعميم و تناول المواضيع من منظور فضفاض...

من النقاط أيضا التي تثير التساؤل التخلف الفكري الذي تعكسه المراجع والكتب التي لجأ إليها معظم المتدخلين مثل "نهاية التاريخ و الإنسان الأخير" لفرانسيس فوكوياما الصادر 1989 و "صراع الحضارات" لصمويل هنتكتون الصادر 1993 و أطروحات المفكر الفرنسي روجي جارودي، حيث كل هذه الكتب والأطروحات تم تجاوزها منذ عشر سنوات على الأقل في الوقت الذي لا نزال نعتبرها المرجع و الأصل في أي وقت نذكر أو نسمع فيه حوار الثقافات أو صدام الحضارات....

يجهل أو يتجاهل هؤلاء أن حوار الثقافات لم يعد قائما لأن الأطروحات أثبتت أن الثقافات تتعايش وتتفاعل و لا تتحاور بل إن الأفراد هم من يتحاور، أما الحضارات فلا تتصادم بل تتعاقب وتتواصل....

إننا لازلنا نجتر بعض الأطروحات و الفرضيات المنتهية الصلاحية، قد يكون ذلك نتيجة لأننا في العالم العربي، وليس فقط في موريتانيا، نعيش على الترجمة من اللغات الأخرى والتي أحيانا لا تصل إلينا إلا بعد 5 إلي 10 سنوات. عندما تقرأ على سبيل المثال أي كتاب من مجلة عالم المعرفة الكويتية ستلاحظ أن الفترة بين الطبعة الأصلية باللغة الأجنبية و الترجمة لا تقل عن خمس سنوات.....

لهذا السبب أو لأي سبب آخر لازال مثقفونا يتبجحون بكتب عفي عليها الزمن كما قال لي أحدهم وهو يتحدث عن الغرب و انتشى وهو يذكر اسم ادوارد سعيد، المفكر الفلسطيني الأصل و الأمريكي النشأة والفكر، لكنه تفاجأ عندما بدأت بدوري أنتقد أدوار سعيد، على الرغم من إعجابي الشديد به، مستشهدا بأحمد إعجاز وبنتي ولومبا وبهابها وكثيرين ممن أخذوا على أدوار سعيد أنه يتناول الغرب في "الإستشراق" و "الثقافة والإمبريالية" و "قضية فلسطين" وكأنه وحدة متجانسة ومجتمع واحد في حين أن الغرب مجتمعات هجينة وتختلف اختلافا صارخا....

هذا النوع من الاجترار و العيش على فتات النظريات الميتة هي التي، في اعتقادي، أدت إلي اختيار عنوان الندوة الذي يبدوا عائما وفضفاضا وشموليا، فلماذا نحاول دائما أن نكون عائمين وسطحيين؟ هل هي سجية في اللغة العربية كلغة؟ أم أن لها علاقة بالمنظومة التربوية التي تعلمنا دائما أن نجتر ونتكلم عن الآخرين بدل تناول الذات؟ أم أنه ليس بل مجرد محاباة ثقافة التفكير النمطي...؟
طبعا لا يسعى هذا المقال إلي تحليل العجز ومكان الخلل في العقل العربي وعلاقاته بالمشاكل الذاتية والخاصة بدل السبح في عوالم لا حدود لها.....

على سبيل المثال، أعتقد أنه كان من الأولوية أن يغتنم المنظمون لهذه الندوة القيمة عنونتها ب "دور الإعلام بحوار الثقافة في موريتانيا" لأن ذلك سيسمح لمثقفينا بالتفكير في حلول لسوء التفاهم والتناقض الذي تعيشه ثقافتنا الإسلامية و وهويتنا التاريخية و العلاقات الاجتماعية في وطننا الذي تحاصره المشاكل من كل حدب وصوب.....

أليس من الحري بنا الحديث عن أنفسنا بدل عقد المؤتمرات عن الإعلام العربي وحوار الثقافات في عالم متغير، طبعا أنا أوافق على آخر عنصر من العنوان والذي تم تجاهله تماما ربما بسبب خوف المثقفين من الغيب أو من تناول حقائق تلتصق بالمعيش واليومي والتاريخي والاقتصادي وبالحاضر والمستقبل....

لماذا نريد دائما صيد الطيور في السماء، ونتجاهل التي نرى على الأرض....

No comments:

Post a Comment