Sunday 4 July 2010

موريتانيا: الوطن... الأرض... الإنسان... علاقة تحتاج إلي التفكير...

اعل الشيخ أباه أحمد الطلبة

في زيارتي الأخيرة إلي أطار لاحظت تحولا عميقا في العلاقة بين الوطن والأرض و الإنسان خلال العقود الأخيرة. قد لا أكون موضوعيا لأنني لا أزال أحاول التفكير والتدبر في حيثيات وانزياحات الموضوع والذات، الموضوع الذي بحضوره يفرض إعادة اعتبار الذات في ضوء المتغيرات الراهنة والذات التي تحاول عبثا الرجوع إلي الأصل لتقتبس من الجذور ما يسمح لها تفكيك رموز الأرض والانتماء والهوية وعلاقة الإنسان بالأرض....

الأرض هي الموطن والوطن هو الشعور بالتشبث و السعادة بالعودة على بدء كلما جار الحنين على البعد، في وطن كموريتانيا الجميلة والتي تتمتع كل زاوية منها بخصوصية جغرافية أو عرقية أو أركيولوجية تجل منها وطنا يتحسر على انقطاع العلاقة الحميمة التي بدأ الجيل الحديث يتجاهلها كلما رأى بصيصا أو نورا في آخر النفق، نعتقد أن علينا الدخول في النفق المظلم من أجل الوصول الي غاية هي أصلا متأصلة فينا لكننا قد نستمتع بالنور والضوء خارج النفق....

إذا جاز لي أن اعرف وطني موريتانيا بأنها الشعور بالتاريخ والجغرافيا معا في حدود التجاهل والكسل الرهيب الذي يسيطر على رغبة أبنائها في البقاء داخل القمقم المظلم والعيش على أحلام قد تتحقق لكنها تظل أحلاما، أقصد هنا النسيان والتجاهل الذي أصبح عبادة يمارسها الكثير منا لتقتنع الذات بعدم الجدوائية من حب الوطن ولتموت التضحية على سفح الفضول و التمزق الذي يعاني منه الوطن المظلوم من لدن الأقربين....

أرجوا أن نتعلم كيف نحب الوطن ليحبنا بل أيضا من أجل أن يعطينا أفضل مالديه. أتعجب كيف نريد للوطن أن يحبنا ونحن لا نزال عاجزين عن منحه أكثر من شبر في قلوبنا....

أما الأرض في الكتاب الذي نتعلم فيه كيف نوجد ونخلق الوجود بالصراع من أجل الانتصار. خلال زيارتي الأخيرة لاحظت كيف يقهر الإنسان الأرض ليجعل من جبالها جنان نخل باسقة تعطي بكل سخاء دون أدنى اكتراث لصعوبة الأرض. كأن الأرض في موريتانيا تعلمت أن تستسلم أمام إرادة الإنسان الكريم الذي تعلم أن يعيش في الصحراء ويجعل من الأفق موطنا ومن الجبال حدودا ومن الواحات ملجأ وكتفا يبكي عليه ويبوح له بأسراره.
الشيخ الحكيم الذي يرى أن الإنسان يجب أن يعامل الأرض والنخلة بنفس الطريقة التي يعامل بها أبناءه. يقول إنه عندما يريد ترك نخله والذهاب إلي المدينة يغادر تحت جنح الظلام خلسة من أجل أن يشعر النخيل بذلك فيغضب ويعطش ثم يموت...

غريبة هذه العلاقة التي كانت تربط الإنسان بالأرض ومثير للتساؤل كيف ضعفت هذه العلاقة عبر الأجيال وتزداد وهنا على وهن مع تشبث الإنسان بقشور ورفاهية المدينة المزيفة والشطب على مفهوم التضحية من القاموس المدينة المعاصر...

كيف يجب أن نتصور الوطن؟ هل يستحق الوطن الذي يخذل أبناءه أن يقدس؟ هل الأرض تملك من الرأفة والحنان و الدفئ لتحفظ الإنسان مرتبطا بها؟ أي علاقة تربطنا بالأرض والوطن والإنسان...؟

No comments:

Post a Comment